اضطراب ما بعد الصدمة PTSD هو حالة نفسية تنشأ لدى التعرض لحادث صادم يتضمن تهديدًا فعليًا أو محتملًا للحياة كإصابة خطيرة أو اعتداء جنسي. ويتميز بذكريات مؤلمة متكررة وكوابيس وتجنب المواقف المرتبطة بالحادث.
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة:
تتضمن أعراض اضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية ما يلي:
- تكرار الحدث المؤلم وذكريات الماضي وكأنها تحدث من جديد
- صعوبة في النوم أو التركيز أو القيام بالأعمال والمهام اليومية.
- كوابيس وأحلام مزعجة مرتبطة بالحدث.
- الشعور بالتوتر والانفعال المستمر وفرط اليقظة.
- مشاكل في العلاقات الاجتماعية والشعور بالوحدة والعزلة وعدم الرغبة بالتفاعل مع الآخرين.
- أعراض جسدية كالغثيان والتعرق عند تكرار ذكريات الصدمة
- أفكار سلبية أو انتحارية والشعور بالذنب ولوم النفس
- تجنب الأماكن والأشخاص المرتبطين بالحادث وتجنب التفكير به
الأنواع:
النوع الحاد (Acute PTSD):
وهو أبكر أنواع اضطراب ما بعد الصدمة، وفيه الأعراض تستمر أقل من 3 أشهر.
تبدأ الأعراض عادة خلال أيام إلى أسابيع بعد التعرض للحدث. وتشمل الكوابيس، الذكريات المتطفلة، القلق، فرط التيقظ، الأرق.
المريض يدرك أن الحدث انتهى، لكن جسمه وعقله ما زالا يتصرفان وكأن الخطر مستمر.
غالبًا ما تكون الاستجابة للعلاج أفضل من الأنواع الأخرى، وخاصة عند التدخل المبك. لذلك، من الضروري الحصول على العلاج المناسب من قبل الطبيب النفسي المختص.
النوع المزمن (Chronic PTSD):
وفقه الأعراض تستمر أكثر من 3 أشهر، والمريض يعيش في حالة توتر دائم كأن الخطر ما زال قائمًا.
أعراض الاكتئاب والقلق تكون أوضح، مع انعزال اجتماعي وفقدان المتعة (anhedonia).
من الممكن أن يحدث إدمان على مواد مهدئة أو كحول كطريقة غير صحية للهروب من الذكريات.
أحيانًا ترافقه اضطرابات في النوم، مشاكل في التركيز، وأفكار سلبية متكررة عن الذات أو العالم.
من الناحية العصبية، أظهرت دراسات الـ fMRI نقص حجم الحصين بسبب فرط إفراز الكورتيزول المزمن.
نوع اضطراب ما بعد الصدمة متأخر الظهور (Delayed-Onset PTSD):
تبدأ أعراضه بعد 6 أشهر أو أكثر من الحدث، أي أن الشخص يبدو طبيعيًا في البداية، ثم تبدأ الأعراض بالظهور لاحقًا.
تظهر الأعراض بعد مثير لاحق يذكّر بالحدث (مثل صوت، مكان، أو ذكرى مشابهة).
من الممكن أن يكون السبب أن الدماغ كبت الذكريات الصادمة مؤقتًا كآلية دفاع، إلى أن يضعف هذا الكبت لاحقًا.
المرضى عادةً ينكرون أو يقلّلون من تأثير الحدث الصادم في البداية.
الأعراض عند ظهورها تكون أحيانًا أقوى وأكثر تعقيدًا لأنها تراكمت خلال فترة طويلة من الكبت النفسي.
أحدث وسائل علاج اضطراب ما بعد الصدمة:
العلاج السلوكي المعرفي (TF-CBT):
هو شكل من أشكال العلاج السلوكي المعرفي الذي يركّز تحديدًا على معالجة الصدمة نفسها وليس فقط الأعراض المرتبطة ويعتمد التقنيات التالية:
- التعرض الموجه : يعيد المريض عيش الحدث بتنقنيات محاكية وبطريقة آمنة تحت إشراف المعالج وبشكل تدريجي حتى يواجه الذكريات التي يتجنبها.
- إعادة المعالجة المعرفية: التخلي عن الأفكار السلبية واعتقاد الشخص أنه مذنب.
- الدعم النفسي من العائلة والأصدقاء وخلق بيئة داعمة تساعد على تخطي الصدمة والشعور بالأمان.
إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة:
مع علاج إعادة معالجة الحركة بالعينين (EMDR)، قد لا تحتاج إلى إخبار معالجك بتجربتك. بدلًا من ذلك، تُركز عليها بينما تشاهد أو تستمع إلى شيء يفعله – ربما تحريك يد، أو وميض ضوء، أو إصدار صوت.
الهدف هو أن تتمكن من التفكير في شيء إيجابي أثناء تذكر صدمتك. يستغرق الأمر حوالي ثلاثة أشهر من الجلسات الأسبوعية.
في الختام، يُعد اضطراب ما بعد الصدمة أحد أكثر الاضطرابات النفسية تأثيرًا على جودة حياة الأفراد الذين تعرّضوا لتجارب صادمة.
لذلك، إن فهم الأعراض والأنواع وآليات التشخيص الدقيقة، إلى جانب توفير التدخلات العلاجية الفعّالة مثل العلاج السلوكي المعرفي الموجه نحو الصدمة، يمثل خطوة أساسية نحو التخفيف من معاناة المصابين وتمكنهم من استعادة حياتهم الطبيعية.
كما أن التوعية المجتمعية والدعم النفسي المبكر يسهمان بشكل كبير في الوقاية من تفاقم الأعراض وتسهيل العلاج.
إعداد:
د. رهف جحا
اقرأ أيضًا: