نقص سكر الدم هو حالة مرضية ينخفض فيها مستوى السكر الدموي عن مجاله الطبيعي بشكل مفاجئ، مما ينعكس سلباً على وظائف أعضاء الجسم. قد تَحدُث هذه الحالة عند الأشخاص المصابين بالداء السكري أو غير المصابين به.
ومن الناحية المخبرية، يُعرَّف انخفاض السكر على النحو التالي:
– قيمة سكر الدم “أقل أو تساوي 70 مغ/ دل” عند الأشخاص المصابين بالداء السكري. كما يتم تصنيف نقص السكر لديهم إلى ثلاث درجات (تبعاً لشدة الأعراض):
- الأولى: قيمة سكر الدم بين [70– 54] مغ/ دل.
- الثانية: قيمة سكر الدم أقل من 54 مغ/ دل.
- الثالثة: أيّ قيمة سكر أقل من 70 مغ/ دل مع تبدُّل في الحالة العقلية.
– قيمة سكر الدم “أقل من 55 مغ/ دل “عند الأشخاص غير المصابين بالداء السكري.
ما هي أسباب نقص سكر الدم ؟
يُعتبر سوء التنظيم ما بين استخدام الأدوية الخافضة لسكر الدم وتناول الوجبات الطعامية هو أشيع أسباب نقص سكر الدم لدى المصابين بالداء السكري. كما في الحالات التالية:
- استخدام جرعة زائدة من الأنسولين (عند مرضى الداء السكري النمط الأول). أو تناول وجبة طعامية صغيرة لا تتلاءم مع الجرعة الدوائية المعتادة.
- الاستخدام غير الملائم لخافضات سكر الدم الفموية (عند مرضى الداء السكري النمط الثاني). مثل السلفونيل يوريا والميغليتِنيدات مثل Repaglinide، إذ تقوم هذه الأدوية بتحريض إفراز الأنسولين.
أما عند الأشخاص غير المصابين بالداء السكري فهناك أسباب عديدة تؤدي إلى انخفاص سكر الدم لديهم، منها:
- أمراض الكبد (التهابات الكبد – تشمع الكبد): بسبب فشل آليات تخزين واستحداث الغلوكوز.
- أمراض الكلى (القصور الكلوي): بسبب تراكم الأدوية المؤدية لنقص سكر الدم وعدم طرحها.
- الإنتانات والحروق: لأن السيتوكينات المفرزة في سياق الاستجابة الالتهابية تسرِّع من استهلاك السكر في الجسم.
- اضطرابات غدية (قصور النخامى / قصور قشر الكظر): بسبب نقص إفراز الهرمونات المسؤولة عن تنظيم مستوى السكر في الدم كالكورتيزول الرافع لسكر الدم.
- فرط إنتاج الأنسولين: كما في أورام البنكرياس “أنسولينوما”.
- سوء التغذية والمجاعة.
- الأدوية: خافضات سكر الدم – حاصرات بيتا غير الانتقائية (propranolol) – الصادات الحيوية (Bactrim – Levofloxacin) – مضادات الملاريا (Quinine) – المسكنات (Indomethacin) – مضادات الفطور (Pentamidine) – مميّعات الدم (Heparin) وغيرها.
- أمراض وراثية: أدواء خزن الغليكوجين – عدم تحمل الفركتوز.
على أية حال، معظم هذه الأسباب تحدث أيضاً عند الأشخاص المصابين بالداء السكري.
أعراض نقص سكر الدم وعلاماته:
معظم أعراض نقص سكر الدم هي أعراض ذاتيّة (ناتجة عن تفعيل الجهاز العصبي الذاتي). وغالباً ما تبدأ بالظهور عند وصول مستويات السكر في الدم لقيمة أقل من 50 مغ/ دل، وتتمثل بما يلي:
أعراض وديّة:
- الرجفان.
- التعرق.
- الشحوب.
- الخفقان.
- تسرع القلب.
- القلق.
- الدوار.
- الصداع.
أعراض نظيرة ودية:
- الجوع.
- الخدر والتنميل في الشفاه أو اللسان.
- الغثيان و/أو الإقياء.
قد يتظاهر أيضاً انخفاض سكر الدم على شكل أعراض عصبية (لأن الدماغ هو العضو الأكثر حساسية لنقص سكر الدم، إذ تعتمد عملياته الاستقلابية فقط على الغلوكوز كمصدر للطاقة). مثل: تغيّرات سلوكية، نعاس، تغيم وعي، علامات بؤرية موضعة، اختلاجات، وفي الحالات الشديدة السبات ومن ثم الوفاة.
أحياناً، قد يكون بعض المرضى المصابين بنقص السكر في الدم لاعرضيين خاصةً مرضى الداء السكري الذين يعانون من نوبات نقص سكر متكررة. إذ يؤدي ذلك إلى تغيّرات في الاستجابة التنظيمية الذاتية للسكر (ينقص إنتاج Epinephrine -هرمون شدّة مسؤول عن رفع مستوى سكر الدم-). ومن ثم انخفاض عتبة الغلوكوز اللازمة لظهور الأعراض (أي يجب تدني مستوى السكر في الدم بشكل شديد حتى تظهر الأعراض). لذلك، تكون النوبات لاعرضية في هذه الحالة. كما يجب الانتباه إلى تناول المرضى لأدوية حاصرات بيتا التي تؤدي إلى غياب الأعراض الودية لديهم (قد تتظاهر نوبة نقص السكر لديهم على شكل جوع فقط).
تشخيص انخفاض السكر في الدم:
عند الشعور بأعراض نقص السكر يجب مباشرة الحصول على قيمة لمستوى السكر في الدم. إما عبر جهاز قياس السكر الإصبعي (وهو الأسرع) أو سحب تحاليل دموية من الأوردة.
إن تشخيص نقص سكر الدم مخبرياً مع ظهور الأعراض والعلامات السريرية لنقص السكر وتحسنها وزوالها عند بدء تعويض السكر وارتفاع مستواه في الجسم، يدعم التشخيص الصحيح لنوبة نقص السكر، وهذا ما يدعى ب ” ثلاثي ويبل Whipple triad”.
يجب معرفة السبب المؤدي إلى هذه الحالة:
- عند مرضى الداء السكري غالباً ما يكون السبب معروف لديهم (سوء استخدام الأدوية) ولا داع لاستقصاءات أخرى. إلّا في حال التوجه السريري بناءً على القصة المرضية لحالات حرجة كالإنتان أو قصور الأعضاء، ممّا قد يتطلب استقصاءات شعاعية ومخبرية إضافية مثل: (CBC BMP، وظائف الكبد، فحص البول والراسب، صورة الصدر الشعاعية CXR.)
- عند المرضى غير المصابين بالداء السكري يجب استبعاد قصة تناول الأدوية وإجراء بعض الاختبارات لتقييم الأنسولينوما. (يتم سحب تحاليل دموية ل “السكر، الأنسولين، الببتيد C” قبل البدء في التدبير) وغيرها من الإجراءات.
التشاخيص التفريقية لانخافض السكر في الدم:
هناك تشاخيص تفريقية واسعة لنقص سكر الدم في الجسم بسبب الأعراض اللانوعية التي يتظاهر بها. على سبيل المثال، قد يتظاهر كل من (الاحتشاء الدماغي، الوذمة الدماغية، نقص الأكسجة، التهاب السحايا والدماغ) على شكل تبدلات وتغيرات في الحالة العقلية. كما أن تسرع القلب يُشاهد في العديد من الحالات المرضية الأخرى (كاللانظميات، العاصفة الدرقية، الصمة الرئوية وغيرها).
تدبير نوبة نقص سكر الدم:
إن نقص السكر حالة إسعافية خطيرة قد تؤدي لمضاعفات عصبية مهمة ما لم يتم التدبير السريع لها. لذلك، في الحالات التالية يون علاج نقص سكر الدم كما يلي:
- في حال كان الشخص واعٍ: يجب تناول 15 – 20 غرام من الكربوهيدرات سريعة المفعول. (وهي أطعمة ومشروبات خالية من البروتينات والشحوم، تزوّد الجسم بالسكر بشكل آني وسريع). مثل: الحلوى السكرية، العسل، أقراص الغلوكوز، عصير الفاكهة.
- في حال كان المريض غير واعٍ أو يعاني من صعوبة في تناول الطعام: يجب تعويض السكر ضمن الوريد على الشكل التالي (50 مل من المحلول السكري 50% D50W، أو 500 مل من المحلول السكري 5% D5W).
يجب إعادة قياس مستوى السكر في الدم بعد 15 دقيقة من بدء التعويض سواء الوريدي أو الفموي وتكراره (إن لزم) حتى يتم الوصول إلى مستوى السكر الهدف (أكثر من 70 مغ/ دل). في حال فشلت الآليات السابقة في رفع مستوى السكر في الدم، يجب إعطاء حقنة عضلية من الغلوكاغون 1mg لمرة واحدة فقط.
بعد التعويض الآني للسكر، يجب المحافظة على جرعة تسريب مستمرة للسكر (9-6 ml/kg/min) حتى يستعيد المريض وعيه بشكل تام ويتمكّن من تناول الطعام مجدّداً. مع الاستمرار بمراقبة السكر كل 30-60 دقيقة على الأقل ولمدّة 4 ساعات. ويجب البحث عن السبب المؤدي لهذه الحالة وتدبيره.
متى يُقبل المريض في المشفى في سياق نقص سكر الدم؟
- إذا كان المريض غير قادر على تناول الطعام.
- إذا كان المريض غير مُصاب بالداء السكري (من أجل دراسة السبب المؤدي للحالة ما لم يكُن معروف).
- في حال تكرّرت نوب نقص سكر الدم أثناء المراقبات.
- في حال تناول خافضات سكر فموية طويلة الأمد مثل السلفونيل يوريا (إذ تحتاج هذه الأدوية مدّة 3 أيام حتى تتم تصفيتها من الجسم).
الوقاية:
عند الأشخاص غير المصابين بالداء السكري، فإن تناول وجبات طعامية صغيرة متوازنة متكررة خلال اليوم تكون كافية لتفادي نوبات نقص سكر الدم لديهم.
أما عند الأشخاص المصابين بالداء السكري، فيجب الالتزام بالجرعات الدوائية الموصوفة وأخذها في الأوقات المحددة. وذلك بالتزامن مع تناول الوجبات الطعامية الملائمة (ضمن نطاق حمية الداء السكري الموصوفة لديهم).
اقرأ أيضًا:
ما هو السكري وكيف نقي أنفسنا من الإصابة به؟
داء السكري عند الأطفال : الأسباب والأعراض والعلاج
إعداد:
الدكتورة نيبال جرجس عبد الملك.