غرفة المخاض
مذكرات غرفةالمخاض
مقال ذو صلة :الحمل الكاذب وأعراض
قد توسدَتْ كرسياً رفعها عن مستوى الأرض مسافةً ،لم تكن في حقيقتها كافية لتخلق في داخلها رهاب المرتفعات،لكنّ عينيها المسكونتين بالخوف أضاعتا تقدير المسافة ……
كما تشبّثَ الخوف بأطرافها من كل مكان في غرفة المخاص ،كذلك راح يجتثّ ماتبقى من روحها المنهكة بعد طول المخاض،وعسيره ….
كان خوفاً مختلفاً عن أشكاله الأخرى التي عاشتها من قبل ، فيه الخشية من نزعة الموت ،الخشية من صدمة الألم القاتلة ،وكذلك الخوف من الوحشة في غرفةٍ على ضوضائها صقيعٌ مهجور ….
لكنّ أكبرَ خوفها كان على صغيرها في غرفة المخاض، وإن كان يلامس في قربه قلبها المتسارع في ضرباته محاولاً عبثاً الصمود.
كان بعيداً، بعيداً جداً، فلا تكاد تراه ،كما لا تكاد تطاله يداها القابضتان على الكرسي الحديدي ذاك .
اللواتي تحاولان الثبات في زحمة تلك المشاعر المتضاربة ،حيث أكبر خوفها كان على صغيرها ….أن يظلّ طريقه إلى قلبها فيتأذى، أو تزعجه بصراخها المتعالي مع كل انقباضة ﻷحشائها على جسده الغض في رغبة جنونية لتلفظه سالماً معافى
ثم ينقطع منها النفس لبرهة ……فتسمع صوته فتهنأ ، وتنسكب السكينة إلى قلبها فتهدأ ، وترتمي قدماها كأنما أعلنتا ضعفهما عن حملها وحمل طفلها من جديد….
لم تنشغل عن الدعاء لطفلها حتى في أصعب لحظاتها،
وفي أكبر معارك الأم مع الخوف كانت لاتزال تمنح الأمان….لوارث القلب….
#مذكرات_غرفة_المخاض
د. بتول رضا