الغيرة حسب علم النفس، تنبع من رغبة الشخص بالحفاظ على من يحب والتأكد أنه باق إلى جانبه ليتحقق شعوره بالأمان. وهي نفسها تلك الغيرة التي إن بلغت أقصاها دفعت الشخص إلى إيذاء من يحب عاطفياً، نفسياً أو جسدياً، إذا شعر الشخص أنه لم يعد قادراً على استملاك الشريك.
الغيرة حسب فرويد:
يعرفها العالم النفسي فرويد أنها مزيج من القلق والألم الذي تسببه فكرة خسارة من نحب. وبالتالي تخدش صورتنا الذاتية، ونشعر بالخسارة وبالخصومة أو العداوة تجاه العدو الذي نجح بإبعاد من نحب عنا. يأتي إضافة إلى ذلك الشعور بالذنب والانتقاد الذاتي لشعورنا أننا لم نستطع الحفاظ على الشريك فنمتلئ بالأسئلة واللوم. الغيرة إذاً ليست شعوراً محدداً، بل هي خليط من الأحاسيس التي تضج بالشخص، والتي ترافق الحب والتعلق. ولكن الغيرة على الشريك تكون أحياناً مرضية، “قليل من الغيرة بنّاء وكثير منها هدام”.
فعندما تذهب هذه الأحاسيس إلى أقصاها يصبح الشخص غير قادر على فصل ذاته عن الشريك. فيحاول استملاكه وتحويله إلى شىء يشبه مقتنياته لا يسمح له بالتحرك أو التواجد، إلا من خلاله وله. وفي ذلك إلغاء للآخر وضرر بالعلاقة. شعر البشر عموما بالغيرة عندما تتعرض علاقاتهم العاطفية للخطر. لكن قد يشعر البشر بالغيرة بدون أي أدلة على أن الشريك غير مخلص أو قد يكون السبب قيام الشريك بالتكلم عن ماضيه و تجاربه العاطفية مع أشخاص آخرين.
متى تبدأ بالظهور؟
في معظم الأحيان تبدأ مشاعر الغيرة بالظهور عندما يتم اكتشاف دليل مادي ملموس أن الشريك يقيم علاقة مع شخص آخر. فنرى هذا السلوك على انه خيانه للثقة ويبدأ الطرف الآخر بوصف الشريك بالخيانة أو الغش. إن الغيرة موجودة في جميع الثقافات وهي التي تجعلنا نتمسك بشركائنا و نشعر بضرورة الحفاظ على علاقاتنا من أي خطر يتهدد ديمومة العلاقة. والأمر ببساطه مثل أن ترسم حدودا خاصة بك ويكون الشريك داخل هذه الدائرة. لذلك، أي شخص يتخطى حدود هذه الدائرة تبدأ بالشعور انه ينتهك خصوصيتك.
وبغض النظر عن طريقه الحل للتغلب على مشاعر الغيرة، يكون بفتح قنوات الاتصال مع الشريك لان تفريغ مشاعر الغضب هو أمر صحي جدا في العلاقة. لان الانغلاق و الكبت قد يؤدي إلى الاكتئاب و إلى مضاعفات نفسيه اكثر خطورة. الغيرة لدى الرجال علامة من علامات عدم الشعور بالأمان. والتصرف بغيره معناه انك تقول لزوجتك بأنك لا تشعر بأنك تستحق حبها وانك قلق من احتمال بحثها عن رجل آخر يكون افضل منك..
عليك أن لا تنسى أبدا أن النساء مرتبطات بالثقة في الرجال، فإذا أدركت إحداهن أن شريكها يفتقر إلى الثقة بالنفس فإنها تفقد احترامها له. وإذا لم تحترم المرأة شريكها فإنها لا تستطيع أن تحبه. كذلك فإنه كلما تصرف الرجل كغيور أحمق فإنه يفقد المزيد من الاحترام. إن الغيرة تنبع من الشعور بعقدة النقص، إنها مشكلتك الرجل ولا علاقة للشريك بها . .
الغيرة عند المرأة:
هذا ومن جانب آخر، وفيما يتعلق بالمرأة التي تشعر بالغيرة فقد حذرت أحدث الدراسات التي قام بها فريق من المتخصصين بجامعة شيكاغو الأمريكية مؤكدين أن عدم الاستقرار النفسي يدفع المرأة للشعور بالغيرة. إن أغلب الأمراض الجسمانية التي تشعر بها المرأة سببها القلق والتوتر. ويعد الشعور بالغيرة من اكثر المشاعر الإنسانية التي تزداد فيها حدة التوتر والقلق. بل إن عملية الضغط النفسي المتولدة من الإفرازات الهرمونية تتسبب في ارتفاع ضغط الدم المؤقت وآلام بمنطقة الرقبة والظهر. حيث تعد من اكثر المناطق تعرضا للتقلص العضلي. وبالتالي على المرأة أن تعي جيدا أن هذه المشاعر المبالغ فيها تعود عليها هي وحدها بالضرر وتزيد من خطورة التعرض للأمراض الناتجة عن التأثيرات السيكولوجية عندما تأوي إلى فراشها وهي في حالة عصبية.
صنفها البعض على أنها أمر لازم للحب، طالما احتفظنا به في حدوده الطبيعية، فقليله يذكي الحب ويحتفظ للعلاقة بزهوها. يخطئ من يظن أنها مرض بلا علاج، فالغيرة دليل شباب العاطفة إذا ما ظلت في حدود اللهفة والشوق والرغبة في ملازمة الحبيب أطول وقت ممكن. لكنها إذا ما تطورت إلى حدود الشك والقلق، وتحولت إلى مراقبة الحبيب ورصد تصرفاته وتحليلها في ضوء الرغبة في السيطرة عليه وإخضاعه، فإن في ذلك إنذارا بحلول العاصفة التي ربما اجتاحت هدوء البيت. و هنا لا بد من العلاج النفسي.
د. باسم محسن يوسف
اقرأ أيضًا: تمنى الحب والخير.. فكر بالحب والخير وسنعبر معا..