fbpx

ماهي اضطرابات الدرق عند الحامل وأسبابها وكيف يتم تشخيصها وعلاجها؟

تأتي اضطرابات الدرق عند الحامل في المرتبة الثانية من الاضطرابات الغدية بعد السكري، وتشكل تحديًّا كبيرًا على فيزيولوجية المرأة الحامل، فلها آثار مهمّة على الأم والجنين.

يزداد حجم الغدة الدرقية حوالي 10% من حجمها الطبيعي في المناطق ذات المخازن الكافية من اليود. أما في المناطق التي تعاني من عوز اليود يزداد حجم الغدة الدرقية ما يقارب 20% إلى 40% حسب دراسات أجريت خلال فترة الحمل.

يرتفع إنتاج الهرمون الدرقي خلال الحمل إلى ما يعادل 50%، ويقابله ارتفاع الحاجة لليود بذات النسبة.

تحتاج أمراض الغدة الدرقية عند الحامل بما فيها فرط نشاط الدرق وقصورها لمتابعة حثيثة وعلاج، وقد يترافق الحمل بالعقيدات الدرقية أو سرطان الدرق. لذلك، من الضروري الكشف عن عنها خلال الحمل.

 

ماهي وظيفة هرمون الدرق في الحمل؟

تعد هرمونات الدرق أساسيّة لتطور الدماغ الطبيعي والجهاز العصبي عند الطفل، يعتمد الطفل على هرمون الدرق الوالدي الذي يعبر عبر المشيمة في الثلث الأول من الحمل (الأشهر الثلاثة الأولى)، ذلك لأنه يبدأ بإنتاج الهرمون الدرقي في الأسبوع 12، ولكن لا يمدّه بما يكفيه من الهرمون حتى الأسبوع 18 إلى 20.

يوجد هرمونان مرتبطان بالحمل هما هرمون موجهة الغدد التناسلية القندية البشريةHCG والأستروجين، يؤديان إلى ارتفاع هرمونات الدرق في الدم، مما يسبب تضخم الغدة عند النساء الحوامل الأصحاء، ويكون هذا التضخم طفيف وقد لا يشعر به الطبيب أثناء الفحص السريري.

يعد تشخيص اضطرابات الدرق عند الحامل صعب لما هناك من تداخل بين ارتفاع هرمونات الدرق وعلامات تظهر في الحمل وأمراض الغدة الدرقية.

يوجد علامات تدل على فرط نشاط الدرق أو قصورها من السهل أن تُكشف، وذلك يوجّه الطبيب في الحال ليَطلب الفحوص الخاصة بأمراض الغدة الدرقية.

 

ماهي أعراض اضطرابات الدرق عند الحامل وماهي أسبابها؟

تقسم اضطرابات الغدة الدرقية عند الحامل إلى:

  1. فرط نشاط الدرق
  2. قصور نشاط الدرق

أولًا، فرط نشاط الدرق:

توجد أعراض وعلامات تظهر في فرط النشاط ومن الممكن أن تحدث في الحمل بشكل طبيعي. مثل سرعة معدل ضربات القلب، وصعوبة في التعامل مع الحرارة، والشعور بالإرهاق. ومن العلامات والأعراض الأخرى التي تدل على فرط النشاط:

  • ضربات قلب سريعة وغير منتظمة.
  • رجفة اليدين.
  • فقدان الوزن غير المبرر أو عدم زيادة الوزن الطبيعي خلال الحمل.

يعد فرط نشاط الدرق في الحمل من أشيع اضطرابات الدرق عند الحامل . ويعود سببه لداء غريفز، الذي يظهر عند 1 إلى 4 من كل 1000 امرأة حامل في الولايات المتحدة الأمريكية. وهو داء مناعي ذاتي يُوجّه الجهاز المناعي إلى صنع أضداد ليحفز الغدة الدرقية على إنتاج كمية كبيرة من الهرمونات. ويطلق على هذه الأضداد الغلوبولين المناعي المحفز للغدة الدرقية TSI.

يمكن لداء غريفز أن يظهر لأول مرة خلال الحمل، وإن كان الداء موجودًا قبل حصول الحمل، فالأعراض قد تتحسن في الثلث الثاني والثالث من الحمل. وذلك لأن جزء من الجهاز المناعي يكون أقل فعالية، فسيصنع كمية أقل من TSI.

قد يعود الداء خلال الأشهر الأولى من الولادة، لارتفاع مستويات TSI من جديد. لذلك، سيتم تقييم وظيفة الدرق وفرط النشاط لاحتمالية عودة الداء وإعطاء العلاج المناسب. ارتفاع هرمونات الدرق المبالغ به يؤثر على صحة الأم والجنين بشكل سلبي.

علاقة فرط نشاط الدرق مع التقيؤ الحملي:

يرتبط فرط نشاط الدرق بشكل نادر بحالة التقيؤ الحملي المفرط، وهي حالة من الغثيان والإقياء الشديد الذي يؤدي لخسارة الوزن والجفاف. يتوقع الخبراء أن هذه الحالة تعود لارتفاع هرمون HCG الذي بدوره يرفع هرمونات الدرق، هذا النوع من فرط نشاط الدرق باضطرابات الدرق عند الحامل يتحسن في النصف الثاني من الحمل.

ثانيًا، قصور الدرق:

تعد أعراض قصور الدرق عند الحامل هي ذاتها عند البشر المصابة بقصور الدرق وهي:

  • التعب الشديد
  • عدم التحمل البرد
  • الإمساك الشديد
  • التشنج العضلي
  • صعوبة بالتذكر والتركيز

ومعظم حالات قصور الدرق في الحمل متوسطة، وممكن ألا تظهر الأعراض.

تعود أسباب القصور لداء هاشيموتو، فهو يظهر عند 2 إلى 3 من كل 100 امرأة حامل، وهو داء مناعي ذاتي يعمل على صنع أضداد تهاجم الغدة الدرقية. ويحدث التهاب وضرر، ممّا يقلل من قدرة الغدة على صنع الهرمونات.

 

ماهي مضاعفات اضطرابات الدرق عند الحامل وكيف يتم تشخيصها؟

تعد مضاعفات اضطرابات الدرق عند الحامل خطيرة ومؤذية، فقد يقود إهمال فرط نشاط الدرق في الحمل إلى:

  • الإجهاض
  • الولادة المبكرة
  • ولادة الطفل بوزن منخفض
  • ما قبل الارتعاج وهو ارتفاع شديد في ضغط الدم في آخر الحمل
  • العاصفة الدرقية وهي اشتداد الأعراض بشكل مفاجئ
  • فشل القلب الاحتقاني

قد يؤثر داء غريفز بشكل نادر على الطفل ويحفز الغدة على صنع هرمونات بشكل كبير. وإذا خضعت المرأة لليود الفعال المشع أو جراحة استئصال الغدة، سيبقى الجسم يصنع أضداد داء غريفز، وتمر عبر المشيمة وتؤثر على الطفل كتأثيرها على الأم. لذلك، يجب أن يتم إخبار الطبيب بذلك لكي يفحص ويتأكد من مستويات هذه الأضداد. وفي حال كانت المستويات مرتفعة سيراقب الأطباء أي مشكلة متعلقة بالغدة الدرقية فيما بعد عند الطفل.

قد يؤدي فرط نشاط الدرق عند الطفل المولود حديثًا إلى:

  • زيادة معدل ضربات القلب مما قد يقود لفشل القلب
  • إغلاق مبكر لليافوخ في جمجمة الطفل
  • ضعف كسب الوزن
  • التهيّج

قد تضغط الغدة الدرقية المتضخمة على القصبة الهوائية للطفل وتعرقل تنفسه. لذلك، يجب أن يتم متابعة داء غريفز في الحمل لتجنب كل هذه المخاطر التي تشمل الأم والطفل.

أما بالنسبة لقصور الدرق فقد تؤدي إلى:

  • ما قبل الارتعاج
  • فقر دم
  • إجهاض
  • ولادة الطفل بوزن منخفض
  • إملاص (جنين ميت)
  • بشكل نادر قصور قلب احتقاني

تظهر هذه الاختلاطات في قصور الدرق الشديد، ونظرًا لأهمية هرمونات الدرق لتطور الدماغ والجهاز العصبي عند الطفل خاصة في الثلث الاول من الحمل، قد تؤثر على مستوى الذكاء ومشاكل في التطور.

التشخيص:

تُشخص اضطرابات الدرق عند الحامل من خلال الأعراض السريرية وتحليل دم لمعرفة مستوى هرمونات الدرق. والبحث عن أضداد داء غريفز المسبب لفرط النشاط، وأضداد داء هاشيموتو المسبب لقصور الدرق.

 

كيف يتم علاج اضطرابات الدرق عند الحامل ؟

يعالج فرط نشاط الدرق حسب شدته ففي الحالات البسيطة لا يتم التداخل. أما إذا كان فرط النشاط مرتبطًا بحالة التقيؤ المفرط فيتم إعطاء أدوية للإقياء والجفاف.

يعطى بحالة فرط نشاط الدرق الشديد أدوية مضادة للدرق، التي تعمل على خفض معدل إنتاج هرمونات الدرق. لذلك، سيقلل هذا العلاج من هرمونات الدرق التي تصل إلى الطفل، لذلك يجب أن يتم وصف الجرعة من قبل أخصائي خبير ومراقبة الطفل.

يعالج الأطباء المرأة الحامل غالبًا بدواء مضاد للدرق يدعى بروبيل ثيويوراسيل PTU  خلال أشهر الحمل الثلاثة الأولى. ويوجد نوع آخر يدعى ميتامازول له آثار جانبية أقل وسهل الاستخدام، لكن قد يسبب عيوب خلقية بشكل أكبر من PTU.

قد يستبدل الأطباء البروبيل ثيويوراسيل بالميتامازول في الثلث الثاني من الحمل، وبعض النساء الحوامل قد لا تحتاج لعلاج في الثلث الاخير.

يضع الطبيب المريضة على أقل جرعة ممكنة وفعّالة في خفض مستويات الهرمونات العالية. وذلك لأن جزء من الدواء يعبر المشيمة ويؤثر على هرمونات الجنين وقد يؤدي لقصور درق لديه.

يجب أن يتم إخبار الطبيب إذا عانت المريضة من أعراض عند تناول الدواء فقد يسبب حساسية عند الأم. وذلك يقود لإجراء جراحة واستئصال جزء من الغدة أو معظمها، والوقت الأنسب لإجراء جراحة الدرق في الثلث الثاني من الحمل.

يعد العلاج باليود المشع مضاد استطباب للأم الحامل لأنه يؤثر على الغدة الدرقية عند الطفل.

أما في حالة قصور الدرق:

يعالج النوع الثاني قصور الدرق من اضطرابات الدرق عند الحامل بإعطاء هرمون الدرق كدواء لتعويضه وتأمين حاجة الجنين للهرمون.

يصف الطبيب غالبا دواء ليفوتروكسين للعلاج، وهو يشابه هرمون T4 من هرمونات الغدة الدرقية، يعتبر دواء آمن للحامل ويؤمن للطفل حاجته بينما يستطيع تصنيع ما يلزمه من الهرمون.

يوجد نوع آخر من هرمونات الدرق وهو T3، في الفترة الأولى من الحمل هذا الهرمون لا يستطيع الدخول لدماغ الجنين مثلT4. لذلك، فهو غير مفيد لتطور الدماغ، إضافة يمكن الحصول على T3 في حال حاجته من T4.

توجد بعض النساء الحوامل لديهن قصور متوسط ولا يعانين من الأعراض من الممكن أن لا يتم معالجتهن، وقد تكون الإصابة بقصور الدرق قبل حصول الحمل. يجب أن يتم إخبار الطبيب قبل الحمل لزيادة جرعة الدواء بما يتناسب مع حاجة الحمل والجنين.

 

هل الإرضاع غير آمن في حال تناول مضادات الدرق أو هرمون الدرق؟

يصف الطبيب أقل جرعة ممكنة من الهرمون الدرقي التي تتحكم بالأعراض. لذلك، كمية صغيرة قد تصل للطفل من خلال الإرضاع، وهو آمن ولا يوجد خوف ويمكن إرضاع الطفل.

يقلل الطبيب من جرعة أدوية مضادات الدرق بما لا يزيد عن 20 ميلي غرام من ميتامازول أو 400 ميلي غرام من بروبيل ثيويوراسيل.

 

في النهاية، قد تقود اضطرابات الدرق عند الحامل إلى مشاكل خطيرة ومهمة عند الأم والجنين إن لم يتم متابعتها بشكل منتظم وعلاجها بفعالية وحذر شديدين.

 

اقرأ أيضًا:

الشعرانية عند النساء : أسبابها وكيفيّة علاجها

كيسات المبيض: الأعراض والأسباب وطرق العلاج

إعداد:

د. صبا عبد الحي