كثيراً ما نقرأ عن الأشخاص الذين يلجأون إلى الإدمان على مادة أو سلوك سلبي، فهم يوصفون بالحاجة إلى الكذب المستمر لحماية أنفسهم من نقد المجتمع الذي يرى في سلوكهم هذا حالة مرضية تعرضهم للخطر إذا لم يقلعوا عنها. حالة تبعدهم يوماً بعد يوم عن محيطهم لتجعلهم أسرى شيء ما أو شخص معيّن. كما أنهم أشخاص لا يواجهون المشكلة ولا يبحثون عن حلول منطقية. بل يفضلون الهروب إلى وسيلة للتنفيس عن غضبهم أو انزعاجهم بعيداً عن التعامل مع المشكلة الأساسية.
نظرياً، فإن حماية هؤلاء الأشخاص من الانجراف أكثر وراء إدمانهم أمر ضروري، لكن الأساس في الجوهر، في الأسباب التي جعلتهم يهربون إلى ذلك النوع من التعلق: التعلق المدمر. فيما تجمع مدارس التحليل النفسي على أن الشخص بحاجة إلى الانتماء والتعلق بأحد أو شيء ليثبّت جذوره، ويشعر أن له ملجأ وسنداً فتتعزز ثقته بنفسه. تشير دراسات عديدة إلى أن اللجوء إلى الإدمان يأتي نتيجة مشاكل نفسية، وعائلية واجتماعية يشعر خلالها الشخص أنه غير مسموع وعاجز عن المواجهة وفاقد للأمان ولحاجته بالتعلق الإيجابي، فيلجأ حينها إلى وسائل مدمرة إما لمعاقبة ذاته على شعوره بتقصير ما أو ذنب، فيؤذي نفسه عمداً أو عن غير قصد، أو لأنه وجد في تعلّقه الجديد حالاً من الأمان والشعور بالسيطرة.
فالمخدرات مثلاً لا تهرب ولا تتركه وحيداً بل تكون دوماً إلى جانبه حين يحتاجها، وهي لا تجادل ولا ترغب في تحويله إلى شخص لا يشبه ذاته. يصبح الشخص حينها غير آبه بالأضرار الجسدية، والنفسية، والذهنية، والاجتماعية. فالحاجة إلى الهروب من واقع موجع أكبر وأعظم من النتيجة.
لكن السؤال الأساسي هنا:
هل كل إدمان هو سلبي بالضرورة؟ وإن كنا محكومين بالحاجة إلى التمسك بعادة ما أو طقس ما، فلمَ لا يكون ذلك الطقس إيجابياً؟ فعوض أن نحاول سلخ الشخص عن حاجاته، ماذا لو حوّلناها من سلبية إلى إيجابية؟
و هل الادمان الايجابي وهم أم حقيقة؟
و دمتم بخير
د. باسم محسن يوسف
اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن متلازمة جثة المشي أو مايدعى طبياً وهم كوتارد