داء كرون هو التهاب مزمن مناعي ذاتي، يصيب السبيل الهضمي في أي منطقة منه وبالأخص الأمعاء الدقيقة والغليظة. ما يسبّب آلام بطنية وإسهال شديد وتعب وفقدان شهية ونقص وزن، ويعدّ هو والتهاب الكولون القرحي الشكلين الأكثر شيوعاً من أدواء الأمعاء الالتهابيّة.
أعراض داء كرون :
قد تتدرج أعراض داء كرون وعلاماته من المتوسطة إلى الشديدة، وعادةً تتطور تدريجيّا. لكن قد تأتي فجأة بدون إنذار مسبق، وقد تمر فترات زمنية خالية من الأعراض والعلامات وهذا ما يدعى بالهدأة أو الهجوع.
عندما يكون المرض فعالاً تتضمن الأعراض ما يلي :
أعراض هضميّة:
- إسهال: يحصل عند 82% من المرضى في بداية المرض. وتتراوح شدته من المتوسط إلى الشديد الذي يتطلب إعاضة الماء والشوارد.
- ألم ومغص بطني: يحصل على الأقلّ عند 70% من المرضى خلال المرض. وقد ينتج هذا الألم مباشرةً عن الالتهاب المعوي الحاصل أو قد يكون بسبب مضاعفات المرض كالنواسير والتضيّقات. الألم شائع الحدوث في القسم السفلي الأيمن من البطن.
- النزف من المستقيم: أقل شيوعاً في داء كرون منه في التهاب الكولون القرحي. ويزداد معدل حدوثه عندما يكون الالتهاب في الكولون والمستقيم. عندما يكون النزف من الكولون والمستقيم يكون لون الدم أحمر قانٍ، أما إذا كان النزف الحاصل من أجزاء السبيل الهضمي العلويّة يسبب براز أسود أو زفتي.
- الاختلاطات حول الشرج تحدث في 18_43% من الحالات وتكون أكثر شيوعاً إذا كان هناك التهاب في الكولون والمستقيم. ومن هذه الاختلاطات النواسير والعلامات الجلدية والبواسير الشرجية والشقوق الشرجية والتقرحات والتضيّقات.
- إصابة الجزء العلوي من السبيل الهضمي نادرة 0.5_16% من الحالات. وقد تسبب ألم أثناء البلع وصعوبة في البلع والغثيان والقيء.
أعراض جهازية:
غالباً ما يتظاهر داء كرون بأعراض جهازية تتضمن:
- تعب.
- حمّى.
- فقدان شهيّة ونقص وزن.
أعراض خارج هضميّة:
- قرحات فموية.
- التهابات عينية مثل التهاب العنبة والتهاب الصّلبة والتهاب فوق الصّلبة.
- التهابات في الجلد مثل الحمامى العقدة وتقيّح الجلد المواتي.
- تظاهرات دمويّة مثل ارتفاع توتر وريد الباب وانصمام خثري وخثار وصمّة رئوية.
- اضطرابات مفصليّة مثل التهاب المفاصل والتهاب الفقار المقسّط والتهاب المفصل الحرقفي العجزي.
- اضطرابات رئوية مثل انقطاع النفس أثناء النوم والانتانات الصدرية.
- اضطرابات في الكبد والطرق الصفراوية مثل التهاب طرق صفراوية مصلّب بدئي وتشمّع الكبد.
- قد تحدث اضطرابات عقلية في داء كرون مثل الاكتئاب والقلق.
- أمراض العظم الاستقلابيّة.
- حصيّات كلويّة.
- عوز الحديد وفقر الدم.
- تأخر نمو عند الأطفال.
أسباب داء كرون وعوامل خطورته:
أسباب داء كرون الدقيقة مازالت غير معروفة بدقة، فاعتقدَ الأطباء في السابق أن النظام الغذائي والتوتر النفسي هما سببا المرض. ولكن تبيّن أنّ هذه العوامل تُفاقم المرض ولا تسببه وهناك العديد من العوامل تساهم في تطوّره.
- الجهاز المناعي: يمكن لجرثوم أو فيروس معيّن أن يُطلق زناد المرض. فعندما يحاول الجهاز المناعي مقاومة أحد الكائنات المجهرية الغازية أو أي عامل بيئي آخر قد تتولد استجابة مناعية غير طبيعية. يهاجم من خلالها الجهاز المناعي الخلايا في السبيل الهضمي أيضاً.
- الوراثة: تزداد احتمالية الإصابة بالمرض عند الأشخاص الذين لديهم في عائلاتهم أفراد مصابون بالداء. لذلك، الجينات قد تلعب دور في الإصابة ولكن معظم مرضى ليس لديهم تاريخ عائلي للمرض.
عوامل الخطورة:
- القصة العائلية.
- العمر: قد يحدث داء كرون في أي عمر لكن يميل أكثر للإصابة في عمر الشباب. إذ إنّ معظم المرضى يُشخّصون قبل سن الثلاثين.
- استئصال الزائدة الدودية: تقترح الدراسات أنّ التعرّض لعملية جراحيّة على الزائدة الدودية قد يزيد من خطر الإصابة بالمرض.
- التوتر النفسي: قد يقود لهجمة من المرض.
- العِرق: وهنا نرى أنّ الأشخاص البيض لديهم عامل خطر مرتفع خاصّةً المنحدرون من أصول اليهود الأشكناز في أوروبا الشرقية. ويزداد معدل حدوثه أيضاً بين السود الذين يعيشون في شمال أمريكا والولايات المتحدة. وكذلك يزداد معدل حدوثه بين شعوب الشرق الأوسط وبين المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
- التدخين: تدخين السجائر هو عامل الخطر المسيطر والأكثر أهمية في تطور المرض. وأيضاً تزيد من شدة المرض ومن احتمالية التعرّض للجراحة.
- مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية: وتتضمن الإيبوبروفين ونابروكسين الصوديوم وديكلوفيناك الصوديوم وغيرها. وهي لا تسبب المرض إنما تزيد من حالته سوءاً.
- المورثات:
الأشخاص الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابين بـ داء كرون تزداد احتمالية إصابتهم بالمرض ل ٥ أضعاف. وفي التوائم المتماثلة إذا كان أحدهم مصاب فاحتمالية إصابة الآخر تصل 38_50%
. لقد حددت الدراسات التي أجرتها جمعية الجينوم الواسعة حوالي ٢٠٠ موضع جيني مرتبط بمرض كرون. معظمها موجودة في المناطق غير المُرَمّزة التي تنظم التعبير الجيني وتتداخل مع أمراض مناعية أخرى مثل التهاب الفقار المقسط والصّداف.
مضاعفات داء كرون:
تحصل أذية في الأمعاء بسبب الالتهاب عند نصف المرضى خلال ١٠ سنوات من التشخيص. وتتضمن مضاعفات داء كرون ما يلي:
- خرّاجات.
- شقوق شرجية.
- نواسير: وهي قنوات غير طبيعية تصل بين جزأين مختلفين، ففي مرض كرون تصل أحياناً النواسير بين المستقيم أو القناة الشرجية والجلد حول الشرج. يمكن أن تسبب إسهالًا وإنتانات في السبيل البولي وتسريب للبراز إلى المهبل أو الجلد ويُعالج ببضع الناسور.
- انسداد الأمعاء: انسداد تام أو جزئي يشكله النسيج الندبي أو تضيق غير طبيعي وخاصةً في الأمعاء الدقيقة وقد يحتاج للجراحة.
- سوء التغذية: وسببه سوء الامتصاص في الأمعاء الدقيقة وقلة الشهية والتداخلات الدوائية. وهذا قد يسبب فقر دم بسبب عوز الحديد وعوز فيتامين د وحمض الفوليك وفيتامين B12 والزنك والمغنيزيوم والسيلينيوم.
- فشل نمو.
- سرطانات معوية وتتضمن:
- سرطان الكولون والمستقيم ويوجد عند 7% من المرضى خلال ثلاثون سنة من التشخيص وسبب للوفاة عند ١٥% من المرضى. إنّ التنظير الهضمي يكشف البوليبات ويستخدم في إزالتها بينما عسر التنسّج تحت المخاطية تتطلّب الجراحة.
- سرطان الأمعاء الدقيقة: هنا التنظير الهضمي لا ينفع على عكس سرطان الكولون والمستقيم.
كيف نشخّص المرض؟
- الفحوصات المخبرية:
- تحليل دم: إذ إنّ ارتفاع تعداد الكريات البيض يشير إلى التهاب أو عدوى. ونقصان تعداد الكريات الحمر يشير إلى فقر الدم والذي يُعد شائعاً في داء كرون، وقد يرتفع الـCRP مما يشير إلى حالة التهابية فعّالة.
- تحليل براز.
- الإجراءات التصويرية:
- طبقي محوريCtscan ويبيّن شدّة الالتهاب.
- الرنين المغناطيسيMRI ويفيد بشكل خاص في كشف النواسير في الأمعاء وحول الشرج.
- التنظير الهضميّ: ويضم
- تنظير هضمي سفلي ( تنظير الكولونات) : نستطيع من خلاله رؤية الكولونات واللفائفي وأخذ الخزعات لدراستها.
- تنظير هضمي علوي.
- التنظير بالكبسولة: يتم بلع كبسولة مزودة بضوء وكاميرا تلتقط الصور للسبيل الهضمي أثناء مرورها به.
هل يمكن الشفاء من داء كرون ؟
لا يوجد شفاء تام للمرض لكن هناك العديد من العلاجات التي تحسّن من الأعراض وتقلّل من الالتهاب وتطيل مدة هجوع المرض.
- الستيروئيدات: الستيروئيدات القشرية والبودينوزيد تقللّ من فعالية الالتهاب في الهجمات الحادة. ولكنها نادراً ما تكون فعالة للسيطرة طويلة الأمد على الأعراض.
- الأدوية المضادّة للالتهاب: مثل ٥-أمينوسالسيلات وهي أدوية مضادة للالتهاب تستخدم بشكل أساسي في التهاب الكولون القرحي وذات فوائد محدودة في كرون.
- المعدلات المناعيّة: ومن أنماطها كابتات المناعة التي تثبّط استجابة الجهاز المناعي مثال عليها آزوثيوبرين والميتوتريكسات.
- العلاج البيولوجي.
- مضادات حيوية: يمكنها أن تعالج اختلاطات المرض فالالتهاب الشديد قد يسبب خراجات أو نواسير.
- أدوية مضادة للإسهال مثل لوبيراميد.
- التغذية المناسبة.
- الجراحة: تُعالج جراحة داء كرون مضاعفات المرض كالانثقاب والنواسير والتضيّقات والانسداد.
معظم مرضى داء كرون يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، فالعلاج وتغيير نمط الحياة يسيطران على المرض ويُبقياه في فترة الهوادة ويمنعان الاختلاطات. ولكن على المرضى أن يلتزموا بإجراء فحوصات دورية وإجراء تنظير هضمي دوريّاً بعد التشخيص حسب ما يُحدّده الطبيب.
اقرأ أيضًا:
أسباب القولون العصبي وطرق علاجه وعلاقته مع أمراض أخرى
التهاب المعدة والأمعاء: الأسباب والأعراض والعلاج
إعداد:
د. حلا خليل