يعدُّ خبراء التغذية حاليّاً أنَّ حمية البحر المتوسط هي الحمية الأفضل والنّظام الغذائيّ الأنسب على الإطلاق، فبحسب الدّراسات توجد الكثير من الأدلّة الّتي تؤكِّدُ وتشهد على الفوائد الكثيرة لها، وعلى آثارها على الصّحة الجَّسديّة والنَّفسية للأفراد. لذلك، سنتحدث عنها بشكل تفصيلي في مقالات هذه.
تضمُّ المنطقة المتوسطيّة العديد من أنماط الطعام والمطابخ التقليديّة، وهذا يعني أنَّ الحمية المتوسطيّة هي نمط حياة أكثر من كونها حمية صارمة أو محدّدة بدقّة. فهي تشتملُ وتركّزُ على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة كالقمح والبقول وتبتعدُ عن الأطعمة المكرّرة والمعالجة، كما تضمُّ كميات قليلة من اللحوم الحمراء بالمقارنة مع نمط الغذاء المتَّبع عند الغرب. لذلك، من غير المستغرب أن ينصح الأطّباء بهذه الحمية للوقاية من الأمراض والحفاظ على صحّة الأفراد على المدى البعيد.
أين نشأت حمية البحر المتوسط؟
يشيرُ نظام البحر المتوسّط الغذائيّ إلى عادات تناول الطعام الصّحيّة والتقاليد الّتي يتَّبعها أولئك الّذين يقطنون قرب حوض البحر المتوسط في طهي طعامهم وممارسة النّشاط البدني، خصوصاً في دول مثل اليونان وجنوب إيطاليا. إذ إنَّه يمثّلُ نمط حياة صحّي ومتوازن يحتوي على مكوّنات مستمدَّة من البحر الأبيض المتوسط والمناطق حولهُ.
على الرُّغم من أنَّ هذا النظام قد ظهر بشكلٍ طبيعيّ في جزء محدَّد من العالم، يعود الفضل بالاعتراف و الاهتمام به وبمصطلح (حمية البحر المتوسط) إلى العالم الأمريكي آنكل كيز، إذ قام بتعريفه ودراستهِ بوضوح ودقّة في ستينيّات وسبعينيّات القرن العشرين.
كما أنَّ آنكل كيز كان أوّلَ من لاحظَ وجود علاقة وثيقة بين الحمية المتوسطيّة والحفاظ على صحة القلب والوقاية من الأمراض والالتهابات. لذلك، ومنذ ذلك الحين، بدأ العلماء بدراسة هذا النّظام بجديّة وحدّدوا فوائده وأثبتوا آثاره الإيجابية على صحّة الأفراد بشكل عام وإطالة أعمارهم.
الأطعمة الّتي تشتمل عليها حمية البحر المتوسّط:
تعتمدُ الحمية المتوسّطيّة على الأطعمة النَّباتيّة بشكلٍ أساسيّ، باعتبارها المكوّنات الرَّئيسيّة في الوجبات اليوميّة والوجبات الخفيفة. في حين أنَّ هذا النمط من التّغذية يقتصرُ على كميّات محدودة من المنتجات الحيوانيّة ويعتمدُ على طهي الطعام باستعمال زيت الزّيتون الطّبيعي واستخدام الأعشاب والتّوابل بهدف إضافة النّكهة المميّزة للأطباق المتوسّطيّة.
وبالتالي، يتمثَّلُ هذا النّظام الصّحّي بالأطعمة الطّبيعيّة موثوقة المصدر الآتية:
- تشكيلة واسعة من الفواكه والخضروات الطازجة.
- الحبوب الكاملة كالقمح والشّوفان.
- البقوليات كالفول والعدس.
- دهون صحّيّة تُأخذُ بشكل رئيسي من زيت الزّيتون موثوق المصدر والمكسّرات والبذور والأسماك الدهنيّة كالسّلمون.
- كميّات معتدلة من ثمار البحر كالقريدس.
- كميّات قليلة من منتجات الحليب واللّحوم الحمراء.
- يسمحُ بكميّات مدروسة ومعتدلة من الكحول وخصوصاً النَّبيذ الأحمر مع الطعام، ويجري الاعتماد على المياه والمشروبات الخالية من السّكر المضاف مثل العصائر الطّبيعية بهدف الترطّيب.
وجبات حمية البحر المتوسط الخفيفة:
يجبُ محاولة اختيار وجبات خفيفة تحتوي على عناصر غذائيّة متنوّعة عند اتّباع نمط غذاء متوسطّي. وهذه هي بعض الاقتراحات الّتي يمكنُ الاختيار منها:
- الفواكه الطّازجة مع القليل من المكسّرات.
- لبن زبادي يوناني غير محلّى، مع إضافة الفواكه الطازجة وأحد أنواع البذور مثل بذور دوّار الشَّمس وبذور الشّيا.
- خضروات طازجة مقطّعة مع الحمّص.
- خليط مكوّن من المكسّرات النيّئة كاللّوز والكاجو والبندق والفواكه المجفّفة غير المحلّاة مثل الزّبيب والمشمش أو التّين المجفّف.
- حبوب الحمّص المشويّة مع الأعشاب
- جبنة قريش مع التّوت البرّي أو الفراولة.
- بيضة مسلوقة مع القليل من الجبن.
ما الّذي يجب الحدّ منه في حمية البحر المتوسّط؟
عند اتّباع أي نمط حياة صحّي ومن بينها نمط حمية البحر المتوسط، فمن الأفضل أن يبتعد الأفراد عن استهلاك الأطعمة التالية:
- الحبوب المكرّرة الّتي تتواجد في الخبز الأبيض والمكرونة البيضاء وعجينة البيتزا الّتي يتمُّ تحضيرها باستخدام الدّقيق الأبيض.
- الدّهون المتحوّلة الّتي تكون حاضرة في الأطعمة المقلية والكثير من المواد الغذائية المصنّعة.
- الطّعام الّذي يحتوي على سكّر مضاف كالمعجّنات والمشروبات الغازيّة والحلويّات
- اللّحوم المصنّعة مثل الهوت دوغ وغيرها.
- الوجبات السريعة الّتي تعدُّ أطعمة معالجة ومكرّرة عدّة مرّات.
فوائد نظام البحر المتوسط:
توجد الكثير من الأدلّة والدّراسات الّتي تشهدُ على فوائد الحمية المتوسطيّة الّتي لا تعدّ ولا تحصى، نذكرُ منها:
- تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة مثل السّكتة والنّوبة القلبيّة.
- المحافظة على وزن صحّي ومناسب.
- الحفاظ على مستوى سكّر الدّم ضمن الحدود الطّبيعية وعلى مستوى الكوليسترول وضغط الدّم.
- تقليل خطر الإصابة بمرض السّكري من النّوع الثاني والمتلازمات الاستقلابيّة وأمراض الكبد
- دعم صحّة الجهاز الهضمي ونشاط البكتيريا المفيدة في الأمعاء.
- تقليل خطر الإصابة بالسّرطان.
- دعم صحّة الدّماغ والجهاز العصبي وزيادة التّركيز ودعم الذّاكرة لدى المسنّين.
- زيادة مأمول الحياة وإطالة العمر.
سلبيات الحمية المتوسطية:
يأخذُ الخبراء و الأطّباء النظام الغذائي الّذي يتّبعهُ الفرد وعاداته ومتطلّباته من العناصر الغذائية بعين الاعتبار. فهناك احتمال أن تسبّبَ هذه الحمية بعض العوائق أو المشاكل مثل:
- زيادة الوزن وخاصّةً عند المبالغة بالكميّات المستعملة أو عدم السيطرة عليها.
- نسبة منخفضة من الحديد نتيجةً لتناول كميّات قليلة من اللّحوم.
- نسبة منخفضة من الكالسيوم نتيجة الاستهلاك القليل للحليب ومشتقّات الحليب الأخرى.
- ارتفاع ثمن الأطعمة الطّبيعيّة وموثوقة المصدر في هذا النّظام.
- الحساسيّة لنوع معين من الأطعمة في هذه الحمية.
لذلك، يجب الانتباه من هذه الأمور عند التفكير باتباع مثل هكذا نظام غذائي.
نهايةً، تتطلّب حمية البحر المتوسط أن يقومَ الفرد باتّخاذ عادات وخيارات غذائيّة صحيّة يمكنُ الاستمرار بممارستها على المدى الطّويل.
وبشكلٍ عام يجبُ أن يسعى الفرد لاتّباع نظام غني بالأطعمة الطبيعيّة وغير المصنّعة والأطعمة النباتيّة القائمة على الفواكه والخضروات والحبوب والدّهون الصحيّة وكميّات مناسبة من البروتين.
لذلك، في حال كان أي نظام غذائي غير مريح أو غير مناسب تماماً لمتطلّبات الفرد، يفضلُّ استشارة اختصاصيّ تغذيّة أو من له الصّلاحيّة في اقتراح خيارات بديلة ومناسبة أو أفكار إضافية بما يخصُّ الحمية الغذائيّة للفرد وطريقة طهي الطعام ما يساعدُ على المتابعة والالتزام بالنّظام الغذائيّ.
إعداد:
د. أنيتا الطويل
اقرأ أيضًا: