حمى البحر الأبيض المتوسط العائلية هي اضطراب مناعي وراثي ذو طابع التهابي يتميز بنوبات متكررة من الحمى والالتهاب. التي تصيب مناطق مختلفة من الجسم مثل البطن والصدر والمفاصل. يعد هذا المرض أكثر شيوعًا بين السكان من أصول البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك العرب، الأرمن، اليهود، والأتراك. غالبًا ما يبدأ ظهور الأعراض في مرحلة الطفولة، مما يؤثر بشكل كبير على جودة حياة المرضى وعائلاتهم.
ورغم أنه مرض مزمن، فإن التشخيص المبكر والإدارة الفعّالة يمكن أن يقللا من حدة الأعراض والمضاعفات المرتبطة به.
ما هي أسباب حمى البحر الأبيض المتوسط ؟
تقسم أسباب حمى البحر الأبيض المتوسط إلى وراثية ونفسية:
- الأسباب الوراثية:
تحدث الحمى الدورية نتيجة طفرات في جين MEFV الموجود على الكروموسوم 16. يقوم هذا الجين بترميز بروتين يُسمى البيرين (Pyrin)، وهو عامل رئيسي في التحكم بالالتهاب في الجسم. عندما تحدث طفرة في هذا الجين، يؤدي ذلك إلى استجابة التهابية مفرطة في الجهاز المناعي، مما يسبب الأعراض التي تميز المرض. يتبع المرض نمط الوراثة المتنحية، أي أن الشخص يحتاج إلى نسختين متغيرتين من الجين، واحدة من كل والد، ليصاب بالمرض.
- العوامل النفسية:
تلعب العوامل النفسية مثل التوتر والقلق دورًا هامًا في شدة المرض. يؤدي التوتر إلى إفراز هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، التي تعزز الالتهاب وتفاقم النوبات. العلاقة بين الجهاز العصبي والجهاز المناعي معقدة للغاية، حيث يؤثر الإجهاد النفسي سلبًا على استقرار الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى زيادة شدة النوبات وتكرارها.
يمكن أن تُحفّز نوبات حمى البحر الأبيض المتوسط بعوامل جسدية مثل الإصابات أو العدوى، أو بعوامل نفسية مثل القلق والتوتر. وبين النوبات، يشعر المرضى بصحة جيدة بشكل عام.
أعراض الحمى الدورية:
تبدأ أعراض حمى البحر الأبيض المتوسط العائلية غالبًا في مرحلة الطفولة، بين سن 5 و15 عامًا، على الرغم من إمكانية ظهورها في مراحل لاحقة. تتسم الأعراض بالنوبات الحادة التي تستمر من ساعات إلى أيام، يليها فترات خالية من الأعراض.
تشمل الأعراض الرئيسية:
- الحمى: ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة يصل إلى ذروته خلال 12 إلى 24 ساعة.
- ألم البطن: ناتج عن التهاب بطانة البطن، ويعتبر أحد أكثر الأعراض شيوعًا
- ألم الصدر: يحدث نتيجة التهاب الغشاء البلوري، ويزداد سوءًا مع التنفس العميق.
- ألم المفاصل: يؤثر غالبًا على الركبتين والكاحلين والوركين، مع تورم وصعوبة في الحركة.
- طفح جلدي: ظهور بقع حمراء متورمة، عادةً في منطقة الساقين.
- تورم الصفن: قد يحدث عند الذكور أثناء النوبات.
ما هو علاج الحمى البحر الأبيض المتوسط ؟
علاج حمى البحر الأبيض المتوسط لا يعد شافيًا إلا أن العلاج قد يساعد في تخفيف الأعراض و منع النوبات.
يُعد الكولشيسين حجر الزاوية في علاج حمى البحر الأبيض المتوسط العائلية. يعمل هذا الدواء على تقليل الالتهاب ومنع تراكم بروتين الأميلويد في الأنسجة، مما يحمي من المضاعفات الخطيرة مثل الداء النشواني.
- الجرعات: تختلف الجرعة حسب عمر المريض وشدة الأعراض. عادةً تتراوح الجرعة اليومية بين 1.2 إلى 2.4 ملغ. يتم تعديل الجرعة بناءً على استجابة المريض وتجنب الآثار الجانبية.
- الاستمرارية: من المهم تناول الكولشيسين يوميًا حتى في حالة غياب الأعراض. التوقف المفاجئ قد يؤدي إلى عودة النوبات.
- الآثار الجانبية: قد تشمل الغثيان، الإسهال، أو آلام المعدة. يمكن تخفيف هذه الآثار عن طريق تعديل الجرعة أو تناول الدواء مع الطعام.
العلاجات البديلة:
بالنسبة للمرضى الذين لا يستجيبون للكولشيسين أو لا يتحملونه، تُستخدم أدوية أخرى مثل مثبطات إنترلوكين-1 (IL-1) مثل كاناكينوماب. تعمل هذه الأدوية على تعطيل المسارات الالتهابية، مما يقلل من تكرار النوبات وشدتها.
توصيات للمصابين وأسرهم:
- المتابعة الطبية المنتظمة: مراجعة الطبيب بانتظام لضبط الجرعات ومراقبة الآثار الجانبية المحتملة للأدوية.
- ضبط التوتر: ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، اليوغا، أو تمارين التنفس للتخفيف من الإجهاد النفسي.
- التثقيف والمشاركة: الانضمام إلى مجموعات دعم المرضى لتبادل الخبرات والحصول على المشورة.
- الاستشارة الوراثية: للأسر التي لديها تاريخ من المرض، يمكن أن تساعد الاستشارة الوراثية في فهم الأنماط الوراثية وخيارات الإنجاب
- نمط حياة صحي: اتباع نظام غذائي متوازن وغني بالمغذيات لدعم الجهاز المناعي وتقليل الالتهابات
ماهي الأطعمة الممنوعة عند مرضى الحمى الدورية؟
- الأطعمة السريعة: تحتوي على دهون غير صحية ومواد مضافة تؤدي إلى زيادة الالتهابات.
- اللحوم عالية الدهون: مثل اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة (مثل النقانق) التي تحتوي على دهون مشبعة.
- السكر: يجب تجنب السكريات المضافة الموجودة في الحلويات والمشروبات الغازية، حيث تؤدي إلى تفاقم الالتهابات.
- الأطعمة المصنعة: تزيد من احتمالية الالتهابات بسبب احتوائها على مواد حافظة ودهون غير صحية.
- الدهون المتحولة: موجودة في الأطعمة المقلية والمعلبة، وتعتبر ضارة بالصحة.
- الدقيق الأبيض: يُفضل استبداله بالحبوب الكاملة لتقليل مستويات السكر في الدم.
- بعض النباتات: مثل الطماطم والباذنجان والبطاطا، حيث تحتوي على مادة السولانين التي قد تزيد من الألم لدى بعض مرضى حمى البحر المتوسط.
حمى البحر المتوسط العائلية مرض وراثي مزمن يتطلب تشخيصًا وعلاجًا دقيقين لضمان حياة أفضل للمصابين. بفضل الأدوية مثل الكولشيسين، يمكن للمرضى السيطرة على الأعراض ومنع المضاعفات. ومع ذلك، يبقى الدعم النفسي والاجتماعي ضروريًا لتحسين جودة الحياة. بالمتابعة الجيدة والالتزام بالعلاج، يمكن للمرضى أن يعيشوا حياة طبيعية ومستقرة.
اقرأ أيضًا:
عضة البرد : الأسباب والأعراض والعلاج
فيتامين D : فوائده وأهميته
إعداد:
د. لين الجفال