يعدّ تمزق الرباط المتصالب الأمامي من أشيع الأذيّات في الرّكبة، وهو رباط يصل بين عظمي الفخذ والظّنبوب، ويحافظ مع الرباط المتصالب الخلفيّ ومع الأربطة الأخرى على ثبات الركبة أثناء الحركة.
يتعرض الرّباط الأماميّ للتمزّق إذا تحرّك الشّخص حركةً مفاجئةً وسريعةً. أو توقّف عن حركته فجأةً عندما يؤدّي حركاتٍ تسبب ضغطًا على الرباط المتصالب مثل الركض أو القفز أو غيرها.
أسباب تمزق الرباط المتصالب الأمامي :
يحدث تمزق الرباط المتصالب الأمامي عندما تتعرّض الركبة لرضّ يسبب ضغطًا على الرّباط. يحدث هذا الضّغط عند الرّياضييّن عندما يغيّر الرياضيّ اتجاهه أو يتوقّف عن الرّكض فجأةً.
تشيع هذه الحالة عند لاعبي كرة القدم مثلًا، وعند لاعبي كرة السّلة وكرة المضرب والجمباز والرّياضات التّنافسية وغيرها من الرّياضات الّتي تحتاج إلى السّرعة في الحركة والرّكض.
يحدث تمزّق الرّباط أيضًا في حوادث السّير وعند السّقوط، ويشيع عند النّساء أكثر من الرّجال. وذلك بسبب تأثير الهرمونات الأنثويّة على الأربطة، إذ يؤثر الإستروجين عليها ويسبب رخاوتها مما يؤهّب لتمزّقها.
أنماط أذيّات الرّباط المتصالب الأمامي:
يمكن لأذيّات الرّباط المتصالب الأماميّ أن تكون مختلفةً من شخص لآخر تبعًا لمستوى الرضّ الّذي تعرّضت له الركبة وأربطتها. إذ يمكن تصنيف أذيّات الرباط المتصالب الأمامي إلى ثلاثة أنماط:
- النّمط الأوّل: لا يحدث تمزق الرباط المتصالب الأمامي في هذا النّمط. بل يحدث تمطّط خفيف دون أن يؤثّر ذلك على وظيفة الرّباط في الحفاظ على ثبات الرّكبة.
- أمّا في النّمط الثّاني يحدث تمزّق خفيف فيه دون أن ينقطع الرّباط بشكل كامل. ويعدّ هذا النمّط الأقل شيوعًا مقارنةً بالنّمطين الآخرين.
- في النّمط الثّالث يحدث انقطاع في الرّباط وتفقد الرّكبة ثباتيّتها بشكل كامل. وهو النّمط الأخطر وتأثيره كبير على وظيفة المفصل.
أعراض تمزق الرباط المتصالب الأمامي :
من أهمّ الأعراض الّتي يعاني منها المريض الشّعور بالألم في الرّكبة المصابة وخصوصًا عندما يمشي أو عندما يحمل وزنًا. وقد لا يشعر المريض بالألم في حالات الأذيّات الخفيفة في الرّباط. ومن أعراض تمزق الرباط المتصالب الأمامي الأخرى فقدان الثّبات في الركبة والتورم فيها، والصعوبة في الحركة والمشي وفقدان القدرة على تحريكها على طول مجالها الطّبيعيّ.
يشعر المريض أحيانًا بفرقعة في الركبة الّتي أصيب الرّباط فيها عندما تحدث الإصابة، ولا تحدث هذه الفرقعة دائمًا عند جميع المرضى.
المضاعفات:
عندما يتمزّق الرّباط تفقد الركبة ثباتيّتها، ممّا يؤدّي إلى زيادة احتمال تمزّق الغضاريف وتأذّيها. لذلك، تشمل مضاعفات تمزق الرباط المتصالب الأمامي حدوث التهاب الرّكبة التنكسيّ، ويسبب هذا التنكّس تضيّق الفاصل المفصليّ وحدوث آلامٍ في الرّكبة المصابة. مع احتكاك وصعوبة في الحركة تزداد تدريجيًّا كلّما تقدّم المرض وزاد التنكّس.
ورغم وجود العديد من الخيارات العلاجيّة المتبّعة للتعامل مع تمزّق الرّباط الأماميّ، إلّا أنها قد لا تقي من حدوث التّنكّس في المفصل. ويعتمد هذا الأمر على درجة الأذيّة البدئيّة في الرّباط، ومقدار الأذيّات الأخرى في الرّكبة، والتزام المريض بالعلاج المتبّع ونشاطه الرياضيّ.
تشخيص التمزق الرباطي:
من أجل تشخيص تمزق الرباط المتصالب الأمامي يحتاج المريض إلى فحص سريريّ يجريه الطّبيب المختصّ. مع إجراء صورة للرّكبة بإحدى الوسائل التصويريّة كالرّنين المغناطيسيّ والأشعّة السينيّة.
تتضمن الفحوصات السريريّة إلى جانب تقييم الحالة العامّة والحركة والألم والتورّم اختباراتٍ تفحص ثبات الركبة. مثل اختبار الجارور الأماميّ واختبار لاخمان واختبار الاستقرار الجانبي.
الصّور الشّعاعية بالأشعّة السّينيّة لا تظهر الأربطة والنّسج الرّخوة. لكن فائدتها تكمن في قدرتها على كشف إصابة العظام المحيطة بأذيّاتٍ وكسور مرافقةٍ لتمزّق الرّباط.
الصّور التي تجرى بالرنين المغناطيسيّ تتمتّع بقدرة عاليةٍ على كشف العظام والأنسجة الرّخوة بما فيها أربطة الرّكبتين وغضاريفهما.
وهناك خيارات تشخيصيّة أخرى مثل تنظير المفصل الّذي يجريه الطّبيب باستخدام منظار دقيق يدخله إلى المفصل. يتمكّن من خلاله من تقييم مقدار الأذيّة بالإضافة إلى إجراء التّداخل الجراحيّ عن طريق التّنظير.
علاج تمزق الرباط المتصالب الأمامي :
يعتمد علاج تمزق الرباط المتصالب الأمامي على نمط الأذيّة ومقدراها، وعلى نمط حياة المريض أيضًا. فالرياضيّ الّذي يودّ العودة إلى ممارسة الرّياضة يختلف علاجه عن شخصٍ يعيش حياة بنشاطٍ بدنيٍّ منخفض.
يحتاج المريض في البداية كي يخفف التورّم والألم إلى الرّاحة وإيقاف الحركة والنّشاط بالإضافة إلى استخدام مضادات الالتهاب ورفع ساقه. ثمّ يتابع حسب درجة إصابته إما بالعلاج الفيزيائيّ للمصابين بالإصابات الخفيفة والمتوسطة وللمرضى ذوي النّشاط البدنيّ المنخفض.
يكون العلاج الفيزيائيّ عن طريق ممارسة مجموعة من التّمارين الّتي تقوي العضلات المحيطة بالرّكبة، وتزيد من ثباتها وتقلّل الضّغط المطبّق على الرّباط المتصالب الأماميّ.
أما المرضى المصابين بأذيّاتٍ شديدة أو المرضى الّذين يريدون متابعة الرّياضة مثل كرة القدم والسلّة، فلا بدّ من إجراء عملٍ جراحيّ. يقوم الطّبيب بالعمل الجراحي بإجراء إعادة تصنيعٍ للرّباط، يليه فترة من الرّاحة مع مجموعة من التّمارين لإعادة التّأهيل وتقوية عضلات الفخذين والسّاقين، تمتدّ هذه الفترة من ستّة أشهرٍ إلى عامٍ كامل، ثم يعود المريض بعدها إلى حياته الطّبيعية.
الوقاية
يمكن الوقاية من تمزق الرباط المتصالب الأمامي عن طريق إجراء التّمارين المقويّة لعضلات الجذع والسّاقين وخصوصًا التّمارين المقويّة لأوتار الرّكبة. والانتباه للطّريقة الصّحيحة لأداء الحركات الرياضيّة مثل الركض والقفز، بالإضافة إلى ضرورة التّحمية قبل إجراء التّمارين والراحة بعد إجراءها. ومن المهمّ أيضًا الابتعاد عن الرياضة عندما يشعر المريض بالألم في الرّكبة.
أذيات أربطة الركبة مثل تمزق الرباط المتصالب الأمامي شائعة جدًّا، ورغم خطورتها وآثارها على الرّكبة على المدى البعيد، فمن الممكن الوقاية منها وعلاجها والعودة إلى الحياة الطبيعيّة. وتقليل خطرها بالحفاظ على النّشاط والالتزام بالتمارين الرّياضيّة المقويّة واستشارة الطّبيب المختصّ فور الشّعور بأيّ تغيير في الركبتين.
اقرأ أيضًا:
التهاب الأذن بالفطريات : الأسباب والأعراض وطرق العلاج
التهاب الأجفان : الأسباب والأعراض والعلاج
إعداد:
د. محمد صالح