العلاج الشعاعي لأورام الدماغ هو إحدى التقنيات الثورية التي ساهمت وتساهم في إنقاذ أرواح آلاف البشر حول العالم. مرت هذه التقنية بتطور مستمر منذ تاريخ اختراعها وحتى يومنا هذا.
ولكن، ما هي أنواع هذا العلاج؟ وكيف يعمل كل نوع؟ وهل يقتصر استخدام الأشعة في أورام الدماغ على علاجها فقط؟
بالإضافة إلى ذلك، ما هي الآثار الجانبية التي يعاني منها مرضى أورام الدماغ بعد استخدام العلاج الشعاعي؟
سنجيب على كل هذه الأسئلة وأكثر في مقالتنا هذه، تابع معنا!
فوائد العلاج الشعاعي لأورام الدماغ
إن فوائد العلاج الشعاعي لأورام الدماغ عديدة وتتضمن ما يلي:
- هو إجراء غير غازي لا يحتاج إلى التخدير العام
- يمكن أثناء العلاج التواصل بين المريض والطبيب، أو بين المرضى ومرافقيه.
- نسبة النجاح العالية والتي تصل في بعض الأحيان إلى 98%
- التأثيرات الجانبية القليلة مقارنةً بباقي العلاجات.
تصنيف أورام الدماغ
قبل أخذ القرار بإعطاء العلاج الشعاعي لأورام الدماغ من الضروري معرفة أنواع هذه الأورام حتى نتمكن من معرفة العلاج الملائم لكل ورم من هذه الأورام.
بشكل عام: يوجد تصنيفان رئيسيان لأورام الدماغ:
أولًا: تصنيف أورام الدماغ حسب سرعة تكاثرها
إذ تقسم أورام الدماغ هنا إلى أورام حميدة أو خبيثة. إذ ينمو الورم الحميد ببطء مسبّبًا أعراض تتزايد شدتها بمرور الزمن. أما الورم الخبيث، فهو الورم الذي تنمو خلاياه بسرعة مسببة ظهور أعراض مفاجئة، كالخدر والصداع وتغيم الوعي.
بالإضافة إلى ذلك، يقسم الورم الخبيث إلى أربعة أنواع تختلف فيما بينها بالحجم والنقائل ودرجة الإنذار. إذ لا يمكن علاج الورم الخبيث من الدرجة الثالثة والرابعة جراحيًا، والحل الوحيد هنا هو اللجوء إلى العلاج التلطيفي الشعاعي والكيميائي دون فائدة تذكر.
ثانيًا: تصنيف أورام الدماغ حسب منشئها
تقسم أورام الدماغ هنا إلى:
- أورام دماغ بدئية منشؤها من أنسجة الدماغ نفسه، وهذه الأورام تكون إما حميدة أو خبيثة.
- أورام دماغ ثانوية: وهي الأورام التي تنشأ من أنسجة خارج الجسم (كالنسيج الرئوي) معطيةً نقائل إلى الدماغ، وهذه الأورام تكون خبيثة.
العلاج الشعاعي لأورام الدماغ :
قبل الحديث عن العلاج الشعاعي لأورام الدماغ ، دعونا نعرض لمحة سريعة عن أنواع الأشعة المستخدمة في الكشف عن أورام الجهاز العصبي:
– التصوير المقطعي المحوسب CT
أحدثت تقنية التصوير المقطعي المحوسب CT ضجة كبيرة في عالم التصوير الطبي والشعاعي منذ ظهورها عام 1972. إذ أتاحت هذه التقنية إمكانية رؤية الأنسجة الدماغية بوضوح تام، إضافةً إلى إمكانية رؤية التشوهات الهيكلية والنزوف والكسور في الجمجمة. ما جعلها تقنية مثاليّةً في حالات الطوارئ والحوادث، سيما وأن الوقت اللازم لإجرائها قليل لا يتجاوز الدقيقتين في أسوأ الحالات.
ولكن، بقي التصوير المقطعي المحوسب عاجزًا عن كشف تفاصيل الأورام الدماغية، لذلك، بقيت فائدته محدودة في تشخيص أورام الدماغ. لذلك، لم يكد يمر عام على ظهور التصوير المقطعي المحوسب حتى ظهرت تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي MRI.
– التصوير بالرنين المغناطيسي MRI
على عكس تقنية ال CT التي تعتمد على الأشعة السينية في أخذ عدة صور مقطعية للعضو المراد تصويره، تعتمد تقنية ال MRI على استخدام مجال مغناطيسي يدور حول رأس المريض المثبت داخل جهاز التصوير. وبعد ذلك، يتم تعريض المريض لموجات راديوية، مما يجعل أنسجة الدماغ تصدر إشارات استجابة لها. ومن ثم، تتم معالجة هذه الإشارات وتحويلها إلى صور باستخدام الحاسوب.
ولذلك، فإن ال MRI قادر على إبراز تفاصيل أكثر وضوحًا في أنسجة الدماغ، لا سيما عندما تطرأ تغيرات مرضية عليها كالأورام. لكنه غير قادر على إبراز الأنشطة البيولوجية داخل الخلايا الورمية، ما دفع الباحثين إلى البحث عن تقنية تصوير أخرى.
– التصوير المقطعي بالاصدار البوزيتروني PET
تعتمد هذه التقنية على حقن نظير مشع في أوردة المريض، ومن ثم يذهب هذا النظير المشع إلى الخلية الورمية ليتفاعل معها. وكنتيجة لهذا التفاعل، تنطلق جسيمات تدعى بالبوزيترونات لتتفاعل مع الالكترونات القريبة منها، ما يطلق اشعة تدعى أشعة غاما، إذ يتم التقاط وتتبع هذه الأشعة عن طريق جهاز يدعى “جهاز المسح الذري”
في حالة أورام الدماغ، تعتمد الخلية الورمية الدماغية على استهلاك الجلوكوز كمصدر رئيسي للطاقة. ولذلك، يتم دمج النظير المشع بالجلوكوز لكي يتوجه بشكل أسرع إلى الخلية الورمية ويتفاعل معها.
كانت هذه لمحة مختصرة عن دور الأشعة المحوري في تشخيص ومتابعة اورام الدماغ. ولكن، ماذا عن استخدام العلاج الشعاعي لأورام الدماغ ؟
أهداف العلاج الشعاعي لأورام الدماغ
في الواقع، لا يستخدم العلاج الشعاعي بنفس الطريقة في كل الحالات. إذ توجد عدة استخدامات لهذا العلاج بحسب الغرض الكامن وراء استخدامه.
في البداية، علينا معرفة أهداف العلاج الشعاعي لأورام الدماغ :
– العلاج الشعاعي لأورام الدماغ قبل العمل الجراحي
يتم هنا تعريض الورم لأكبر جرعة ممكنة من الأشعة. والتي تتفاعل مع الورم مؤديةً لتقلص حجمه قبل أن يتم استئصاله جراحيًّا أو علاجه كيميائيًّا.
يستخدم هذا النوع في الأورام العرطلة الحميدة أو الخبيثة من الدرجة الثانية وما فوق. والتي من غير الممكن استئصالها جراحيًّا إذا بقيت على حجمها.
– الأشعة في علاج أورام الدماغ دون الاستعانة ببقية العلاجات
يستخدم هذا النوع من العلاج الشعاعي لأورام الدماغ في الأورام الحميدة أو الخبيثة من الدرجة الأولى والثانية، والقريبة من مناطق حساسة يمكن أن تتأذى بالعمل الجراحي. كالعصب السمعي مثلًا، إضافةً إلى السحايا والغدة النخامية.
– علاج أورام الدماغ شعاعياً بعد العمل الجراحي
يستخدم هذا النوع في الأورام الدماغية كثيرة النكس والتي عادة ما تكون خبيثة (من الدرجة الثالثة والرابعة).
أنواع العلاج الشعاعي لأورام الدماغ
كما هو الحال في تشخيص أورام الدماغ، شهد استخدام الاشعة في علاج هذه الأورام تطوّرًا كبيرًا. إذ أنه بدأ قبل أن تظهر تقنيات التصوير المتطورة كالتصوير المقطعي المحوسب والرنين المغناطيسي.
فمنذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأ الأطباء باستخدام الأشعة السينية في علاج أورام الدماغ.
ولكن، كان يتم توجيه الاشعة السينية إلى كامل النسيج الدماغي المصاب بورم (وليس على الورم فقط). مما كان يسبب أذيات ومضاعفات لا حصر لها، إذ كان هذا الإجراء يؤدي إلى التلف في العديد من الخلايا العصبية السليمة. لذلك، بدأ العمل على الاستفادة من تقنيات التصوير الحديثة في علاج أورام الدماغ
في الواقع، يقسم العلاج الشعاعي لأورام الدماغ إلى:
– علاج شعاعي داخلي
وهنا يتم إدخال نظائر مشعة إلى داخل الجسم تتفاعل مع الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا السليمة. وبمجرد ان تصل هذه النظائر المشعة إلى الخلية الورمية، فإنها تعمل على إطلاق إشعاع يؤدي إلى تدمير الخلية الورمية. أبرز النظائر الاشعاعية المستخدمة في علاج أورام الدماغ هي:
- I131
- Y90
- P103
– علاج شعاعي خارجي
ويتم هنا تعريض الخلية الورمية إلى حزمة اشعاعية من خارج الجسم يتم توجيهها بحيث تتجمع عند الخلية الورمية مولدة طاقة تكفي لقتل الحمض النووي DNA للخلية السرطانيةز مما يؤدي إلى تقلص الورم، ومن ثم زواله.
يشمل العلاج الشعاعي الخارجي 3 أنواع هي:
- العلاج الشعاعي معدل الكثافة IMRT
- العلاج الشعاعي الموجه بالتصوير IGRT
- علاج باستخدام سكين غاما
– العلاج الشعاعي معدل الكثافة من أنواع العلاج الشعاعي لأورام الدماغ
يعتمد هذا النوع من العلاج على إدخال المريض في جهاز التصوير، والذي غالبًا ما يكون جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي. وذلك بعد ضمان عدم حيازته لأي أغراض معدنية وتثبيت رأسه بقناع بلاستيكي.
ومن ثم، يتم دوران جهاز يدعى بالمسرع الخطي حول دماغ المريض، إذ يعمل هذا الجهاز على تعديل كثافة الأشعة الموجهة باتجاه رأس المريض بحسب كثافة النسيج الدماغي. إذ يتم توجيه مقدار أكبر من الحزمة المشعة إلى النسيج الورمي.
وبعد ذلك، يتم تجميع الحزم الإشعاعية في منطقة الورم، إذ تعمل هذه الحزم على قتل الخلايا السرطانية.
– العلاج الشعاعي الموجه بالتصوير
على غرار الطريقة السابقة، يعتمد العلاج الشعاعي الموجه بالتصوير على جهاز المسرع الخطي. والذي يعمل على تعديل كثافة الاشعاع الموجه نحو الورم الدماغي.
ولكن، يتم هنا ترجمة الإشارات الصادرة من انسجة الدماغ إلى صور ومقاطع تتم معالجتها حاسوبيًّا. وبذلك، يسهل تحديد مكان الورم وتوجيه الأشعة إليه بدقّة أكبر.
– العلاج بسكين غاما
تم تطوير طريقة العلاج الشعاعي لأورام الدماغ التي تبشرنا بمستقبل واعد في القضاء على أورام الدماغ في السنوات العشر الأخيرة.
تعتمد هذه التقنية على تثبيت خوذة معدنية تحوي العديد من الثقوب على رأس المريض. ومن ثم، يتم تمرير كمية صغيرة من اشعة غاما عبر هذه الثقوب.
تعبر أشعة غاما عبر الانسجة السليمة دون أي آثار جانبية، قبل أن تتجمع في مكان الورم المجدد مولدة كمية كبيرة من الطاقة الكفيلة بالقضاء على الخلايا السرطانية.
التأثيرات الجانبية للعلاج الشعاعي لأورام الدماغ
فيما مضى، كانت تأثيرات العلاج الشعاعي لأورام الدماغ الجانبية أكبر من فوائد العلاج. نظرًا للضرر الكبير الّذي تحدثه الأشعة السينية عندما يتم توجيهها بجرعة كبيرة على خلايا المخ السليمة.
أما الآن، ومع تطور تقنياته، فقد أصبحت التأثيرات الجانبية لهذا العلاج قليلة وفورية، وتشمل:
- احمرار في الجلد مكان تركيز الأشعة.
- أيضًا، تساقط الجلد في مكان تركيز الاشعة.
- التهاب موضعي وتورم مكان الاجراء.
- لا يمكن اعتماد تقنيات العلاج الشعاعي في علاج جميع اورام الدماغ. على سبيل المثال، في حال كان المريض يعاني من ورم خبيث. او من ورم متوضع بالقرب من بنى شديدة الحساسية للأشعة حتى بالجرعات الدنيا، فقد نحتاج إلى الإجراء الجراحي.
مدة العلاج
تختلف مدة العلاج الشعاعي لأورام الدماغ الكلية تبعًا لعدة عوامل نذكر منها:
- درجة الورم
- الإجراء المستخدم IMRT أو IGRT
- جرعة الأشعة المستخدمة
أخيرًا، نصل وإياكم إلى نهاية مقالتنا هذه، والتي تناولنا فيها العلاج الشعاعي لأورام الدماغ بالتفصيل. بدءًا من أهدافه، مرورًا بأنواعه وانتهاءً بتأثيراته الجانبية.
لا تنسوا زيارة موقع سماعة حكيم للاطلاع على كل ما هو جديد ومفيد في المجال الطبي، وإلى اللقاء
اقرأ أيضًا:
ما هو السكري وكيف نقي أنفسنا من الإصابة به؟
الدوخة: أسبابها وكيفية علاجها
إعداد:
د. توفيق محمد سعيد السباعي
Dr. Toufik Mohamad Said Alsibai