الخوف من الموت: هو الموت، الثابت الوحيد المشترك في حياتنا. ينتظرنا على مفترق طريق نجهله. نحاول غض النظر عنه، وتناسي خوفنا منه. لكننا نخافه. علّمتنا مجتمعاتنا عدم الحديث عنه، لأن في ذلك استحضاراً له، فأصبحنا نقاربه بحذر. منّا من يسخر منه، كالمخرج والكاتب الشهير وودي ألن، حين قال: “أنا لا أخاف أن أموت، لكنني أفضّل ألّا أكون حاضراً وقتها”. ومنّا من يرتعب منه حتى يتحوّل الرعب إلى مرض، فيترجم أي حدث غير مفهوم في حياته إلى أن نتيجته الحتمية هي الموت.
المفارقة أننا نقترب منه أكثر مع كلّ يوم ينضي . لكننا في الوقت نفسه، نحاول تفاديه قدر المستطاع، فيشكّل ذلك صراعاً داخلياً نعيشه باستمرار، كلما واجهنا مرضاً أو موت قريب. فنتساءل عن جدوى الحياة، والجهد المبذول فيها، لنسعد ونسعد من حولنا، ونسأل أنفسنا ونحن نرتجف خوفاً: “متى يحين دورنا وكيف؟”. خوف يعيش فينا ويقيّد تصرفاتنا، وينسينا أن نعيش أحياناً. هل من سبيل لتغيير مفهوم الموت المحزن المبكي لنتصالح معه ونحتفل به كما نحتفل بالحياة. فنحقق القول المأثور: “عندما يزول خوفك من موتك، يزول خوفك من أن تحيا؟”.
الموت السعيد: احتفال بالحياة
تغيّرت العادات والتقاليد المتّبعة خلال المآتم في عدة ثقافات حول العالم. فتحوّلت مراسم دفن الميت في بريطانيا، من جلسات ندب وبكاء إلى احتفال بالحياة التي عاشها. بالنسبة إلى البريطانيين، حان وقت النظر إلى الموت بإيجابية أكبر، فحوّلوا يوم الجنازة إلى فرصة يتذكرون فيها فقيدهم، يرددون أغانيه المفضلة، ويسردون تجارب عاشوها معه خلال حياته. لا يرتدون الأسود، لأنه لون يوحي بالحزن، ويؤثر سلباً على جو الجنازة. حتى الأغاني التي تسمع خلال ذلك النهار تكون فرحة. وقد أشار بحث أجري على 2000 شخص في بريطانيا، نشر على موقع BBC online أن 54% من الأشخاص يفضلون أن تكون جنازتهم فرصة للاحتفال بحياتهم.
يبقى السؤال الأهم : كيف نتقبل فكرة موتنا أو الفقد ؟
يتبع….
د. باسم محسن يوسف
اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن متلازمة جثة المشي أو مايدعى طبياً وهم كوتارد