الحمى المالطية أو كما تعرف أيضاً باسم داء البروسيلات (Brucellosis)، وهي عدوى بكتيرية حيوانية المنشأ تسبّبها جراثيم لا هوائية سلبية الغرام تدعى البروسيلا (Brucella).
ما هي طرق العدوى بمرض الحمى المالطية ؟
لجرثومة البروسيلا عدّة أنواع يصيب كلٌّ منها العديد من الحيوانات:
- البروسيلا المالطية (B. melitensis): تصيب بشكل أساسي الأغنام والماعز والإبل.
- البروسيلا المُجهِضة (B. abartus): تصيب بشكل أساسي الماشية والغزلان، وتسبب الإجهاض عند الحيوانات فقط.
- الخنزيرية (B. suis): تصيب بشكل أساسي الخنازير (المتوحشة والمحلية) والرنّة.
- البروسيلا الكلبية (B. canis): تصيب بشكل أساسي الكلاب.
تنتقل عدوى الحمى المالطية من الحيوان إلى الإنسان عن طريق:
- تناول الأطعمة الملوَّثة خاصةً اللحوم النيّئة غير المطبوخة جيداً ومنتجات الألبان غير المُبسترة.
- التعرض لمفرزات الحيوانات المصابة (الدم – البول – الحليب) وملامسة الأغشية المخاطية لأنسجة الحيوانات المصابة (مثل المشيمة).
- استنشاق جزيئات الهواء المخموجة: إذ تنتشر الجرثومة بسهولة في الهواء.
نادراً ما تنتقل الإصابة من الإنسان للإنسان، إلا أن ذلك قد يحدث ذلك عن طريق نقل الدم، زرع الأعضاء والاتصال الجنسي. وقد تنتقل العدوى من الأم المصابة إلى جنينها أثناء الولادة الطبيعية أو الرضاعة الطبيعية.
ما هي عوامل الخطورة للإصابة بداء البروسيلات؟
يعتبر داء البروسيلات مرض مهني، إذ يزداد شيوع المرض عند الأشخاص الذين يتعاملون مع الحيوانات ومنتجاتها. مثل:
- الرعاة.
- الأطباء البيطريون.
- عمّال المسالخ.
- عمّال صناعة الألبان.
- موظفي المختبرات (الذين يقومون بإعداد لقاح البروسيلا الحيواني).
ينتشر المرض في بعض أجزاء العالم التي تفتقر لسياسات الصحّة الحيوانية الصارمة. مثل أوروبا الجنوبية (إيطاليا وتركيا) وأوروبا الشرقية وآسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، لكنه نادر في الولايات المتحدة الأمريكية.
ما هي الآلية الإمراضية للمرض؟
تدخل الجرثومة إلى الجسم عبر الجهاز الهضمي (بعد تناول الأطعمة الملوثة) وتجتاز الغشاء المخاطي للأمعاء. يتم التقاطها بواسطة الخلايا اللمفاوية (العدلات والبالعات) وتقوم ببلعمتها ونقلها إلى العقد اللمفاوية الموضعية. وبعد أن تنحل الخلية المصابة تتحرر منها الجراثيم وتنتقل إلى الدوران وتنتشر في جميع أنحاء الجسم. لذلك، يمكن للجرثومة أن تسبِّب عدوى في أي عضو من الجسم بما في ذلك الجهاز البولي التناسلي والكبد والقلب والجهاز العصبي المركزي.
بعد أسبوعين من دخول جرثومة الحمى المالطية إلى الجسم تستقر وتتوضع في البالعات ضمن الجهاز الشبكي البطاني وتتكاثر بداخله مشكلةً حبيبومات غير متجبِّنة.
ما هي أعراض الحمى المالطية وعلاماتها؟
تتراوح فترة الحضانة (المدّة منذ بداية العدوى حتى ظهور الأعراض) عادةً من (2 – 4) أسابيع وقد تستمر أحياناً لعدة أشهر. تظهر بعدها أعراض الحمى المالطية المشابهة لعدوى الإنفلونزا، مثل:
- حمّى مميزة ذات نمط متموج (قد تكون حادة عالية متقطعة مع عرواءات، أو مستمرة، وأحياناً خفيفة الدرجة). لذلك، كان المرض يعرف سابقاً باسم “الحمى المتموجة”.
- تعرق ليلي ذو رائحة قوية كريهة تشبه العفن.
- آلام عضلية ومفصلية وأسفل الظهر.
- صداع ودوار.
- تعب ووهن عام.
- نقص الوزن والشهية.
- أعراض موضعية تبعاً لمكان الإصابة: ألم خصية وبربخ (في إصابة الجهاز التناسلي)، ألم صدري وخفقان (في الإصابة القلبية) وغيرها.
من الناحية السريرية، قد تظهر بعض العلامات غير النوعية للحمى المالطية، مثل:
- ضخامة عقد لمفاوية (تكون مؤلمة عادة).
- ضخامات حشوية (ضخامة الكبد والطحال).
كيف يتم تشخيص داء البروسيلات؟
يتم تأكيد الإصابة بداء البروسيلات عن طريق:
- عزل جرثومة البروسيلا عن طريق الزروعات. مثل: زرع الدم (قد يحمل سلبية كاذبة خاصةً مع تقدم المرض، كما يحتاج لأوساط زرع خاصة ولمدة طويلة حتى تظهر نتائجه). زرع الأنسجة مثل نقي العظم (وهو المعيار الذهبي للتشخيص بسبب التراكيز العالية للجرثومة الموجودة بداخله). زرع سوائل الجسم (السائل الدماغي الشوكي والجنب والبول).
- تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR): للكشف عن الحمض النووي DNA للجرثومة في الأنسجة المصابة أو العينة المصلية المسحوبة.
- اختبارات مصلية (تفاعل رايت s test ’ Wright): ارتفاع مستوى الأضداد الموجهة للبروسيلا بمقدار 4 أضعاف في العينات المأخوذة بفاصل زمني أكثر أو يساوي أسبوعين (بين فترتي طور المرض الحاد والنقاهة أي التراجع التدريجي للأعراض). العيار المشخّص 1:320 في المناطق الموبوءة و1:160 في الطور العرضي الحاد للمرض في المناطق غير الموبوءة.
قد تجرى بعض الاختبارات المصلية الأخرى التي تدعم تشخيص المرض. مثل: تعداد الدم الكامل CBC (قد يلاحظ فقر دم وارتفاع أو انخفاض في تعداد الكريات البيضاء). ارتفاع أرقام الكرياتينين Cr، ارتفاع خفيف بخمائر الكبد وغيرها.
أحياناً، يتم طلب المزيد من الاستقصاءات الشعاعية في حال عدم وضوح تشخيص الحمى المالطية أو لتقييم شدة الإصابة (خاصة في الإصابات العظمية والهيكلية). مثل الطبقي المحوري CT والمرنان MRI.
ما هي مضاعفات داء البروسيلات؟
عند بعض الأشخاص قد تصبح عدوى داء البروسيلات مزمنة، وقد تصيب واحد أو أكثر من أجهزة الجسم. لذلك، تتضمن بعض مضاعفات الحمى المالطية ما يلي:
- عدوى الجهاز الحركي: التهاب الفقار – التهاب المفصل العجزي الحرقفي – ذات عظم ونقي.
- عدوى السبيل البولي التناسلي: التهاب خصية وبربخ – التهاب حويضة وكلية.
- خمج الجهاز التنفسي: التهاب قصبات مزمن – عقيدات رئوية – انصباب جنب.
- خمج الجهاز العصبي المركزي: التهاب دماغ – خراجات دماغية.
- عدوى الجهاز القلبي: التهاب الشغاف (باطن القلب) – التهاب العضلة القلبية.
علاج الحمى المالطية
يهدف علاج داء البروسيلات إلى السيطرة على الأعراض والحد من المضاعفات والوقاية من الانتكاس. الخط الأول في علاج الحمى المالطية هو المضادات الحيوية، وتختلف مدّة العلاج ونوع المضاد الحيوي المناسب تبعاً لشدّة الحالة والاختلاطات:
- في الحالات الخفيفة: يتم إعطاء مضادين حيويين مثل الدوكسيسيكلين لمدة ستة أسابيع عادةً والجنتامايسين لمدة أسبوعين.
- في الحالات الشديدة والمختلطة: يتم اللجوء إلى 3 أنواع من المضادات الحيوية ولمدة أطول (4- 6) أشهر عادة.
ما هي طرق الوقاية من الإصابة بالحمى المالطية؟
تشمل طرق الوقاية من داء البروسيلات ما يلي:
- تجنب تناول الأطعمة الملوثة ومنتجات الحيوان النيئة وغير المبسترة.
- تجنب التعامل مع الحيوانات المصابة.
- طهي اللحوم جيداً قبل تناولها.
- الإبلاغ عن حالات الحمى المالطية المشتبه بها واتخاذ الاحتياطات اللازمة. (مثل ارتداء القفازات والأقنعة الوجهية) في حال العمل بأماكن عالية الخطورة للإصابة.
- تلقيح الحيوانات المحلية (حتى الآن لا يوجد لقاح بشري للبروسيلا).
اقرأ أيضًا:
الملاريا : الأعراض والعلاج والمضاعفات
ضربة الشمس : الأعراض والمخاطر والعلاج
إعداد:
الدكتورة نيبال جرجس عبد الملك.