التهاب المرارة هو عبارة عن التهاب حاد يصيب جدار المرارة، وغالباً ما ينتج عن انسداد مديد للقناة المرارية بحصاة. وهو أشيع عند الإناث مقارنةً بالذكور مع ذروة إصابة بأعمار متقدمة (أكثر من 50 عاماً).
عند وجود خلل في تركيب السائل الصفراوي (ارتفاع الكولسترول – انخفاض الحموض الصفراوية – اضطراب وظيفة المرارة وما ينتج عنها من ركودة مرارية) تتشكّل حويصلات متعددة الطبقات والأحجام تدعى “الحصيات الصفراوية”. تستقر غالباً داخل المرارة بشكل لا عرضي لعدة سنوات، لكن أحياناً قد تسدّ هذه الحصيات القناة المرارية مؤدية لحدوث التهاب فيها.
ما هي أسباب التهاب المرارة ؟
عموماً، أي سبب يمنع تدفق الصفراء عبر القناة المرارية سيؤدي إلى تراكمها داخل الحويصل المراري والتهابه. وأهم أسباب التهاب المرارة تتضمن ما يلي:
- الحصيات المرارية (التهاب المرارة الحصوي الحاد): وهي السبب الأشيع، مسؤولة عن 90% من الحالات.
- الالتهاب اللاحصوي الحاد: يشكّل حوالي 10% من الحالات. يحدث بشكل أشيع عند المرضى المصابين بأمراض خطيرة (قصور الأعضاء المتعدد، الحروق، العدوى الإنتانية الشديدة، المرضى المضعفين مناعياً وغيرهم). وذلك نتيجةً لما تقوم به من اضطراب في تروية ووظيفة الحويصل المراري.
- الأورام (خاصةً كبيرة الحجم): مثل سرطانات الكبد والمرارة والبنكرياس، بسبب التوضعات التشريحية المجاورة للحويصل الصفراوي وقيامها بسد لمعة القناة المرارية.
أعراض التهاب المرارة وعلاماتها:
تشمل أعراض التهاب المرارة عند المرضى المصابين ما يلي:
- ألم في المراق الأيمن ذو مواصفات مميزة: يستمر لأكثر من ست ساعات تالٍ لتناول الطعام (الدسم خاصةً) منتشر للكتف الأيمن.
- حمى.
- تعب ووهن عام.
- نقص شهية.
- غثيان وإقياء.
بالفحص السريري يُلاحظ ألم عند جس الربع العلوي الأيمن للبطن – علامة مورفي (Murphy sign): نطلب من المريض أن يأخذ نفس عميق ونضغط أثناء ذلك على المراق الأيمن، يؤدي ذلك لحدوث توقف مفاجئ للشهيق بسبب تحريض الألم، وهي علامة مميزة.
التشخيص:
يعتمد تشخيص التهاب الحويصل الصفراوي على التظاهرات السريرية والعلامات الالتهابية الجهازية وموجودات الاستقصاءات الشعاعية.
تدعم بعض الفحوص المخبرية التشخيص مثل ارتفاع كريات الدم البيضاء وبروتينات الطور الالتهابي الحاد CRP . كما تُطلب فحوص إضافية مثل غازات الدم، الشوارد، وظائف الكبد، الكرياتينين من أجل تقييم شدة الالتهاب واستبعاد الأمراض الأخرى.
يتم اللجوء أيضاً إلى استقصاءات شعاعية لإثبات التشخيص:
- إيكو عبر البطن للمراق الأيمن (RUQ transabdominal ultrasound) . يُظهر توسع في الحويصل المراري مع توذّم وثخانة الجدار.
- طبقي محوري للبطن مع حقن (CT abdomen) أو مرنان بطني مع أو بدون حقن (MRI abdomen). يتم اللجوء إلى هذه الوسائل في حال الشك بالتهاب الحويصل المراري مع موجودات شعاعية غير واضحة بالإيكو، وعند الاشتباه بوجود اختلاطات.
- التصوير الومضاني للمرارة (Cholescintigraphy) أو ما يعرف ب HIDA scan. وهو الاستقصاء الشعاعي المفضل للالتهاب غير المختلط. لا يفيد عادةً في تحرّي الاختلاطات الناجمة عن التهاب المرارة.
المضاعفات:
يعتبر التهاب الحويصل الصفراوي مرضًا شائعًا، ويؤدي لمضاعفات مهمة وخطيرة ما لم يتم علاجه بالشكل المناسب. تشمل مضاعفات التهاب المرارة ما يلي:
- الالتهاب المواتي(Gangrenous cholecystitis): الاختلاط الأشيع، وهو تنخر إقفاري لجدار الحويصل المراري يستوجب استئصالها الإسعافي.
- انثقاب جدار الحويصل الصفراوي: تترقى فيه الأعراض بسرعة وقد يترافق مع علامات التهاب بريتوان معمم. وهي حالة خطيرة تستدعي التداخل الجراحي الإسعافي.
- الالتهاب النفاخي: يشير لوجود غازات ضمن لمعة المرارة.
- الإزمان: تهيُّج مزمن في مخاطية الحويصل المراري ناتج عن وجود الحصيات بداخلها.
- المرارة البورسلانية (Porcelain gallbladder): تكلُّس في جدار الحويصل الصفراوي ناتج عن الالتهاب المزمن فيها. تعدُّ عامل خطورة لحدوث سرطان المرارة.
- التهاب الحويصل الصفراوي النزفي.
- خراجات حول الحويصل المراري أو تحت الكبد أو كبدية قيحية.
- سرطان المرارة.
علاج التهاب المرارة :
تختلف طريقة علاج التهاب المرارة تبعاً لعدة عوامل، منها: شدّة ودرجة الالتهاب – مدة الأعراض – الحالة العامة للمريض – وجود خطورة جراحية و/أو تخديرية للعمل الجراحي.
يهدف التدبير البدئي إلى تقييم المريض والحفاظ على استقراره، ويشمل: المسكنات، السوائل الوريدية، الدعم التنفسي إن لزم، مضادات الإقياء، تصحيح الاضطرابات الشاردية في حال وجودها.
أما التدبير النهائي فيكون بما يلي:
- استئصال المرارة الباكر بالتنظيرEarly laparoscopic) cholecystectomy): وهو المعيار الذهبي لعلاج الحالة الحادة. يمكن إجراؤه خلال 10 أيام من بداية الأعراض (مع تفضيل لأول 24 – 72 ساعة) شرط استقرار المريض وعدم وجود مضادات استطباب للجراحة (مثل الأعمار المتقدمة، المشاكل القلبية عالية الخطورة، سوء وظيفة أعضاء الجسم وغيرها).
- تفريغ وتصريف الحويصل المراري عبر الجلد (Gallbladder drainage): وهو إجراء مؤقت يتم اللجوء إليه عند المرضى غير المستقرين حيوياً أو المعرضين لخطورة جراحية عالية ولا يستجيبون على العلاج المحافظ بالأدوية.
- الصادات الحيوية: وهي خطوة أساسية في التدبير. يعتمد اختيار الصاد المناسب ومدة استخدامه على: نوع الجراثيم ومقاومتها الحيوية للأدوية – درجة وشدة الالتهاب – إمكانية إجراء الاستئصال الجراحي وطريقته. عادةً ما يفضل استخدامها خلال 6 ساعات من بداية الأعراض. تستهدف التغطية الجراثيم اللاهوائية وسلبيات الغرام، وأشيع الأدوية المستخدمة: Metronidazole – Ciprofloxacin.
يجب الانتباه إلى أعراض التهاب المرارة عند حدثها لتجنب تطور أي مضاعفات خطيرة في المستقبل. لذلك، عليك التوجه إلى الطبيب في أبكر وقت ممكن للحصول على التشخيص المؤكد والعلاج المناسب.
اقرأ أيضًا:
التصلب العصيدي : الأسباب والأعراض والعلاج
نقص سكر الدم : الأسباب والأعراض والعلاج
إعداد:
الدكتورة نيبال جرجس عبد الملك.