اكتئاب ما بعد الولادة هو نوع من أنواع الاكتئاب الذي يصيب الأمهات في غضون ستة أسابيع بعد الولادة. تتصف هذه الحالة النفسية بمجموعة من التغيرات العاطفية والجسدية والسلوكية والاجتماعية التي تمر بها بعض النساء بعد ولادة أطفالهم. إذ يؤثر هذا الاضطراب في واحدة من كل سبع نساء بعد ولادة طفلهم لا سيما الأمهات الجدد، ويمكن أن يصاب به أيضًا الآباء.
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة :
تشمل علامات وأعراض اكتئاب ما بعد الولادة التي من الممكن أن تستمر لأكثر من أسبوعين بعد الولادة ما يلي:
- المزاج المكتئب (الشعور الدائم بالحزن)
- عدم القدرة على التركيز واتخاذ القرارات
- فقدان المتعة والاهتمام
- القلق والبكاء طوال الوقت
- إهمال العناية بالطفل وفقدان الشعور بالترابط معه
- الشعور بعدم القدرة على العناية بالطفل
- أفكار في الانتحار أو إيذاء نفسها أو طفلها
- الشعور بعدم القيمة واليأس أو الذنب
- الشعور بالتعب الشديد طوال اليوم وفقدان الطاقة
- مشاعر من الغضب والانزعاج
- تغيرات في الشهية
- مشاكل في النوم، على سبيل المثال صعوبة النوم ليلاً.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة وعوامل الخطورة:
إن أسباب اكتئاب ما بعد الولادة الدقيقة ما تزال غير دقيقة وواضحة بشكل كامل. وليس هناك سبب واحد لحدوثه، إذ من الممكن أن تلعب العديد من العوامل المختلفة في الإصابة، على سبيل المثال:
- العوامل النفسية: تاريخ سابق للاكتئاب أو القلق، التردد في قبول جنس المولود، عدم وجود شريك، مشاكل وصعوبات مالية، مشاعر مختلطة حول الحمل لاسيما في حال كان مقرّرًا إنهاء الحمل، التعرض لصدمة نفسية.
- عوامل اجتماعية: نقص الدعم من الزوج والعائلة لاسيما خلال فترة الحمل، وسوء المعاملة والعنف من قبل الزوج
- تأثير فيتامين B6 البيريدوكسين: إذ من الممكن أن يكون له دور في الإصابة بالاكتئاب في الفترة التالية للولادة. فهو يتحول إلى التربوفان ومن ثم إلى السيرتونين وهذا الأخير يؤثر في المزاج.
- الهرمونات: قد تلعب التغيرات الهرمونية خلال فترة الحمل وما بعدها دوراً في الإصابة بالاكتئاب التالي للولادة. إذ إن الانخفاض المفاجئ في هرموني البروجسترون والإستروجين قد يؤثران في حدوثه.
من العوامل المسببة الأخرى:
- الوراثة: تبين في دراسات أن وجود تاريخ عائلي للإصابة بالاكتئاب بعد الولادة يزيد من فرصة حدوثه ضمن العائلة
- عوامل خطر متعلقة بالأم ومولودها: الحمل عالي الخطورة، عيوب خلقية في المولود
- العمر عند حدوث الحمل: كلما كانت الأم أصغر سناً كلما زادت فرصة حصول اكتئاب ما بعد الولادة
- عدد الأطفال: كلما زاد عدد الأطفال، كلما زادت فرصة الإصابة
- نمط الحياة: أحداث الحياة المجهدة، ضغوط العمل
الطرق المتبعة في التشخيص:
يتم أخذ اكتئاب ما بعد الولادة بعين الاعتبار عندما تعاني المريضة من حالة اكتئاب شديدة مع بداية الفترة المحيطة بالولادة أو خلال ٤ اسابيع بعد الولادة.
يعتمد التشخيص على مجموعة من العوامل مثل:
- مدة الأعراض: يجب أن تكون الأعراض مستمرة لمدة لا تقل عن أسبوعين.
- شدة الأعراض: مدى تأثير الأعراض على القدرة على العمل أو رعاية الطفل.
- الأعراض النفسية: مثل القلق المستمر، الحزن العميق، فقدان الاهتمام بالأمور اليومية. تغييرات في الشهية والنوم، وأفكار متكررة تتعلق بالموت أو إيذاء النفس.
- يتم النظر أيضًا في التاريخ الطبي الشخصي والعائلي للأم، بالإضافة إلى العوامل النفسية والاجتماعية التي قد تسهم في الحالة.
- في بعض الحالات، قد يُطلب إجراء اختبارات إضافية لاستبعاد الأسباب الجسدية التي قد تكون وراء الأعراض (مثل اضطرابات الغدة الدرقية).
مضاعفات اكتئاب ما بعد الولادة :
في حال عدم علاج اكتئاب ما بعد الولادة قد يستمر لفترات أطول، ومن الممكن أن يتطور إلى اضطراب اكتئابي مزمن،. بالإضافة إلى أنه سيوثر في الطفل والأسرة أيضًا.
ومن الممكن أن يعاني الأطفال الذين تعاني أمهاتهم من الاكتئاب التالي للولادة من مشاكل في النوم والأكل والبكاء وتأخر في اللغة.
وقد يصاب الأب أيضا بالاكتئاب، فهو أكثر عرضة للاصابة، نتيجة الضغط العاطفي على كل من المحيطين بالوليد
قد يشكل تهديداً لحياة الطفل أو الأم
طرق العلاج:
بعد التقييم الشامل، وإذا تأكد الطبيب من وجود الاكتئاب، قد يتم وضع خطة علاج معينة. التي قد تشمل العلاج النفسي أو العلاج الدوائي أو كليهما حسب شدة الحالة. ويتم العلاج بناءً على نوع الأعراض وشدتها.
نذكر بعض العلاجات:
- المعالجات النفسية، التي تعتبر الخط العلاجي الأول قبل البدء في المعالجة الدوائية. وتتضمن العلاج المعرفي السلوكيCBT وهو فعال في حالات الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط أثناء الحمل أو بعد الولادة. وأغلب النساء يفضلن العلاج النفسي على العلاج الدوائي خوفًا من الآثار الجانبية المحتملة من الأدوية.
- العلاج الدوائي ويتضمن أدوية مضادات الاكتئاب والأكثر استخدامَا مجموعة مثبطات عود التقاط السيرتونين(SSRI).
- العلاج بالصدمات الكهربائية: هنا يمرر الطبيب صدمات كهربائية قصيرة ومضبوطة، مما يسبب نوبة دماغية تدوم 60 ثانية. ويتم إعادة هذه الجلسات مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع وذلك حسب شدة الأعراض ودرجة الاستجابة حتى يصل مجموع الجلسات إلى ما بين 6_12 جلسة. يتم اللجوء لها في حال عدم الاستجابة على العلاجات السابقة، ويتم مرافقة هذا العلاج مع أدوية مضادات الاكتئاب وأنواع الأدوية الاخرى.
- النباتات التي تمتلك تأثيرًا مضادًا للاكتئاب. على سبيل المثال: الخزامى، إكليل الجبل، الجنسينغ.
- العلاجات الطبيعية مثل ممارسات التمارين الرياضية الخفيفة، تناول غذائي صحي متوازن
في الختام يعتبر اكتئاب مابعد الولادة حالة خطيرة وتتطلب العلاج والدعم حتى لا تتطور وتستمر لفترات أطول. ويجب استشارة الطبيب في حال وجود أي من الأعراض السابقة لتقديم العلاج والدعم المناسبين.
اقرأ أيضًا:
انقطاع التنفس أثناء النوم : الأعراض والأسباب والعلاج
نقص فيتامين B12 : الأسباب والأعراض وطرق العلاج
إعداد:
د. أمل سعيد