fbpx

اضطرابات الطمث : الأعراض والأسباب والعلاج

تنتج اضطرابات الطمث عن حدوث خلل في الاتصالات والتآثرات الهرمونية الطبيعية الفيزيولوجية الموجودة في الجسم والمسؤولة عن تنظيم الدورة الطمثية عند النساء. إذ تعد الدورة الطمثية عملية فيزيولوجية فريدة تتضمن آليات غير ثابتة ومتبدّلة بشكل يوميّ، وتتم من خلال التأثيرات الهرمونيّة المعقّدة بين الوطاء والغدّة النُّخاميّة والمبيضين بشكل أساسيّ. والغدّتين الكظريتين وجزر لانغرهانس في المعثكلة بشكل ثانويّ.

وتوجد مجموعة أخرى من الاضطرابات الطمثية لا علاقة لها بخلل التراكيز الهرمونية الناتجة عن المحور الوطائي النخامي المبيضي. وإنما تتعلق بالاستجابة غير الملائمة للأعضاء الانتهائية للمستويات الطبيعية من الحاثات القنديّة والستيروئيدات الجنسيّة

 

أهم اضطرابات الطمث :

اضطرابات الطمث عديدة ومتنوعة، ولكل منها دلالتها وأسبابها وأعراضها. ونذكر منها ما يلي: 

  • الدورات الطمثية المؤلمة: إنّ الشعور بالألم أثناء فترة الحيض أمر شائع لدى غالبية النّساء. إذ يحدث بسبب التقلصات الناجمة عن إفراز البروستاغلاندينات التي تؤدي بدورها لدفع الطبقة المنسلخة من البطانة الرحمية نحو الخارج عبر المهبل. 
  • الدورات الغزيرة: تعاني بعض النساء بشكل طبيعي من دورات طمثية أقوى وأطول من غيرهن من حيث المدة وكمية الدم النازف (التي يُعبّر عنها غالباً بعدد الفوط الصّحية المستهلكة يومياً). كما يجدر بالذّكر أن كثيراً من الدورات الغزيرة تكون مجهولة السبب، لكنها تحدث عادةً بسبب اختلال التوازن الهرموني الذي يؤدي إلى زيادة سماكة بطانة الرحم. أو بسبب الاضطرابات التخثرية  والنزفية المرضية أو التالية  لتناول بعض الأدوية كالممّيعات.
  • خلل توازن الدورات: تستمر الدورة الطمثية الطبيعية من يومين إلى سبعة أيام. و تختلف هذه المدة بين امرأة و أخرى تبعاً لعوامل متعددة (الوراثة، الحالة الجسديّة والنفسية، بعض الأدوية…). ولكن كمعدل وسطي يحدث الطمث الطبيعي مرةً كل ٢٨ يوماً، و يبقى ضمن الحدود المقبولة إذا حدث مرةً كل ٢١ حتى ٣٥ يوماً.  وخارج هذه الحدود يعتبر طمثاً غير منتظم، ويكون أكثر شيوعاً في سن البلوغ و قبيل سن اليأس. كما يؤدّي التغيير غير المدروس لوسائل منع الحمل إلى حدوثه. 

 

من الاضطرابات الشاعة الأخرى انقطاع أو غياب الطمث:

يعد انقطاع الطمث من أشيع اضطرابات الطمث المعروفة. قد يكون بدئياً أو ثانوياً، عكوساً أو غير عكوس. ومن أشيع الأسباب الّتي تؤدّي لحدوثه: 

  • الحمل: ينقطع الطمث بشكل فيزيولوجي من بداية فترة الحمل حتّى نهاية الشّهر الأول بعد الولادة. وذلك لإبقاء البطانة الرّحمية غنية بالأوعية الدموية والغدد والمواد المخاطية اللازمة، لضمان المحافظة على محصول الحمل واستمرار نموّه.
  • الضّغوطات النّفسية والتّوتر: إذ تسبب زيادةً في إفراز هرمونات الشّدة كالأدرينالين والنورأدرينالين والكورتيزول. مما يؤدي إلى اختلال التوازن الهرموني، الذي يمكن أن يتلوه غياب مؤقت أو عدم انتظام في الطّمث مع زيادة في أعراض متلازمة ما قبل الحيض.
  • خسارة الوزن السريعة: يكون فيها غياب الطمث مؤقتاً لحين تكيّف الجسم مع التغيرات السّريعة في إنتاج الطّاقة واستهلاكها. الذي يسبب بدوره اضطراباً في إنتاج وتقويض الهرمونات أيضاً.
  • التمارين الرياضية الشّاقّة: تسبب التّمارين العنيفة (مثل تمارين التحمل والتمارين الهوائية) انخفاضاً في مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون. ممّا يؤدّي إلى نقصان سماكة بطانة الرّحم و بالتالي تأخير حدوث الطمث. كما يمكن أن تُسبب نزوفاً بين الدورات الشهرية بسبب انسلاخ البطانة الرّحمية بشكل عشوائي وبأوقات عشوائيّة.
  • بلوغ سن اليأس: يعدّ من أشيع أسباب اضطرابات الطمث الفيزيولوجية عند النّساء في العقدين الخامس والسّادس من العمر. إذ تتراجع المستويات الهرمونيّة بشكل ملحوظ بالتّزامن مع نفاذ مخزون المبيض من البويضات. 

 

تتضمن الاضطرابات الطمثية الأخرى ما يلي:

  • متلازمة ما قبل الطمث: تعاني ٨٠ % من النّساء اللّاتي تحدث لديهن إباضة منتظمة من بعض الأعراض الجسديّة والنّفسيّة المزعجة قبيل حدوث الطّمث. وبرغم أنّ الآلية الفيزيولوجيّة لحدوث هذه الأعراض ما تزال غير مفهومة بشكل جيد، ولكن يُعتقد أنّ ترافُق الاضطرابات الهرمونيّة والنفسيّة معاً يلعب دوراً كبيراً في حدوثها. وتتضمّن الأعراض النفسيّة المذكورة من قبل المريضات:
  • اضطّراب المزاج والشّعور بالقهر.
  • القلق والتّعب وصعوبة التّركيز.
  • عدم استقرار الوجدان والاكتئاب.
  • التّهيج واضطّراب النّوم. 
  • نقص الاهتمام بالفعاليات اليوميّة المنتظمة 
  • تبدّل الشّهية وزيادة الّشعور بالجوع. 

كما تتضمن الأعراض الجسديّة:

  • تورّم الثّدي وإيلامه.
  • حس النّفخة في البطن.
  • زيادة الوزن والوذمات.
  • الصّداع.
  • الشقيقة الطمثية: تنتج الشقيقة عن تقبّض وعائيّ يتلوه توسّع وعائيّ في الأوعية داخل القحف. إذ يتأثر هذا النوع من الصداع بالدورات الطمثية. فيمكن أن يمتد من بداية الطّمث وحتى نهايته، أو أن يقتصر على يومين قبل أو بعد بدء الطّمث. كما يُعتقد أنّ العلاقة بينه و بين التّبدلات الهرمونيّة الخاصّة بالدورة الطمثية ناتجة عن سحب هرمون الإستروجين من الجسم.
  • العدّ ما قبل الطّمث: تعد الزّيادة الملحوظة في مستويات الإندروجينات العامل الأساسيّ الذي يؤدّي إلى  زيادة إنتاج الزّهم وظهور العد ما قبل الطمثي و تفاقمه. إلّا أنّه لوحظ عند النّساء الّلواتي لديهنّ دورات طمثيّة منتظمة ولا يعانين من تبدلات مهمة في المستويات الإندرجينيّة، عدّاً ما قبل طمثيّ  أيضاً. إذ يمكن أن يكون ثانوياً لتبدّل الوظيفة المناعيّة أو تضيّق فوهات الأقنية الشّعريّة الزّهميّة النّاتجة عن التّأثيرات الهرمونيةّ في نهاية الطّور اللّوتيئينيّ من الطّمث.

 

علاج اضطرابات الطمث : 

يتم علاج الاضطرابات الطمثية بناءً على الأعراض الموجودة وشدّتها ومدى تأثيرها في الأداء الوظيفي اليومي. قد يستلزم بعضها علاجاً عرضياً لتخفيف شدّة الانزعاج، وفي بعضها الآخر يتم الاكتفاء بالعلاج الموهم مع طمأنة المريضة والتّأكيد على ضرورة الاسترخاء والقيام ببعض التّمارين الرّياضيّة البسيطة والإكثار من تناول المشروبات الساخنة والأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن.

ولعلّ أهم علاجات اضطرابات الطمث المقترحة ما يلي:

  • مسكنات الألم كالباراسيتامول (الأكثر أماناً) والإيبوبروفين والأسبرين (لا يستخدمان لدى مرضى القصور الكلوي والمصابين بالّربو) لتخفيف آلام اضطرابات الحيض.
  • مانعات الحمل الهرمونيّة المختلطة أو أقراص البروجسترون للسيطرة على النّزيف الطّمثي وتخفيف غزارته. كما تستخدم للحفاظ على انتظام وقت حدوث ومدّة الطّمث.
  • مضادات الاكتئاب من زمرة SSRIS كالفلوأوكسيتين للسيطرة على اضطّراب المزاج والأعراض السّلوكية. والمدرّات البوليّة كالسبيرينولاكتون لتخفيف النّفخة البطنيّة والوذمات. والبيروسبيرون لتدبير القلق ما قبل الطّمث.
  • الآرغوتامين ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ومضادات الإقياء لعلاج نوبات الشّقيقة. كما يعطى الإستراديول تحت اللسان مع بدء الأعراض البادريّة التي تسبق حدوث الشّقيقة، إذ يمكن أن يحول دون تطّور الصّداع.

أما بالنّسبة للحالات المعندة على العلاجات العرضيّة يمكن استئصال الرّحم مع البوقين والمبيضين والإعاضة الهرمونيّة بالإستروجين فقط عند المريضات الأكبر سناً وغير الرّاغبات بالإنجاب.

 

يجدر بالذكر أنّ حجر الأساس في تخفيف اضطرابات الدورة الطمثية هو اتّباع نظام صحي جسدي ونفسي في آن معاً. فغالبية هذه اضطرابات الطمث تتلاشى تلقائياً مع نهاية فترة الطّمث وتتباين شداتها وتواتراتها بين الطّموث المتتالية. كما لا بدّ من ضرورة التّأكيد على مراجعة الطّبيب المختص في حال ملاحظة أعراض شديدة صعبة التّحمل ومعاودة مع كل طمث لضمان المحافظة على صحة إنجابيّة ونفسيّة جيدة.

 

اقرأ أيضًا:

الإخصاب المساعد : تقنياته وكيفية إجرائه

التهاب المهبل: أعراضه وأسبابه وطرق العلاج

 

إعداد:
د. رشا غرز الدين