يعد التهاب القولون التقرحي أحد أكثر أمراض التهاب الأمعاء شيوعًا بالإضافة إلى داء كرون، وهو مرض التهابي مزمن ذو أعراض متناوبة يصيب القولون مسببًا تهيجًا والتهابًا وتقرحًا في بطانته. وعلى الرغم من أنه لا يوجد علاج شافي لهذا المرض للآن ولكن العلاجات الصحيحة يمكن أن تساعد في السيطرة على أعراضه.
أعراض التهاب القولون التقرحي وعلاماته:
تكون أعراض التهاب القولون التقرحي متناوبة عند المرضى طوال حياتهم. إذ تتناوب فترات من تفاقم الأعراض كالإسهال والبراز الدموي وتشنجات البطن تليها فترات من الهدوء دون أعراض. وتتظاهر شكاية المرضى عمومًا بما يلي:
- الإسهال (قد يكون الإسهال دمويًا في حال وجود نزيف من المستقيم).
- تشنجات في البطن (الشعور بوجود رغبة بالتبرز مع عدم القدرة على ذلك).
- حركات الأمعاء العاجلة (الرغبة المفاجئة في التبرز).
- تعدد مرات التبرز.
- إفرازات مخاطية وقيحية من المستقيم تسبب آلام أسفل البطن وجفاف شديد مع ظهور بعض القيح في البراز (غالبًا في الحالات الشديدة وخاصة عند كبار السن).
ومع مرور الوقت قد تتظاهر أعراض التهاب القولون المتوسطة والشديدة بما في ذلك:
- نوبات الإسهال (أربع نوبات أو أكثر يوميًا).
- وجود دم أو مخاط أو صديد في البراز.
- تقلصات شديدة في البطن.
- الإرهاق الشديد.
- الغثيان.
- الحمى.
يعاني نصف الأشخاص تقريبًا من أعراض خفيفة أثناء نوبات المرض. ويعاني آخرون من الحمى المتكررة والإسهال الدموي والغثيان وتقلصات البطن الشديدة.
الأسباب:
يعتقد الباحثون أن أسباب التهاب القولون التقرحي معقدة وتنطوي على العديد من عوامل الخطورة. ولكن يتفق معظمهم على أنها مرتبطة باستجابة مناعية ذاتية مفرطة النشاط، إذ يهاجم جهاز المناعة خلايا الجسم نفسه بالخطأ مسببًا التهابًا وتلفًا في أنسجة الجسم.
رغم أنه لم يتم معرفة الأسباب الدقيقة لالتهاب القولونات القرحية، ولكن خطر الإصابة به يكون أكبر في حالات معينة مثل:
- العمر: يتم تشخيص معظم الأشخاص بين سن 15 و30 عامًا أو عندما يتجاوز عمرهم 60 عامًا.
- العِرق: يزداد خطر الإصابة عند ذوي البشرة البيضاء.
- العوامل الوراثية: يزداد خطر الإصابة في حال إصابة أحد أقرباء الدرجة الأولى به.
يختلف المصابون بالتهاب القولون في ميكروبيومهم مقارنةً بغير المصابين به ولم يتأكد الباحثون من سبب ذلك بعد.
لا تزيد عوامل أخرى مثل الإجهاد ونظامك الغذائي من خطر إصابتك بالتهاب القولون التقرحي ولكنها قد تؤدي إلى تفاقم الأعراض.
العلاقة بين التهاب القولون التقرحي وداء كرون ومتلازمة القولون العصبي:
يوجد تشابه في بعض الأعراض بين هذه الأمراض وتختلف في تأثيرات معينة. إذ يؤثر التهاب القولون التقرحي على الأمعاء الغليظة وبطانتها فقط. بينما يؤثر داء كرون على أماكن أخرى في الجهاز الهضمي. ورغم تشابه أعراض متلازمة القولون العصبي مع أعراض الالتهاب القرحي ولكنها لا تسبب التهابًا أو تقرحات بل هي مشكلة في عضلات الأمعاء.
التشخيص:
يمكن إجراء عدّة اختبارات من أجل تشخيص التهاب القولون التقرحي بدلًا من مرض معوي آخر، وتتضمن الفحوصات ما يلي:
- فحوصات الدم: تظهر وجود فقر دم أو التهاب.
- عينات البراز: تساعد في استبعاد وجود عدوى أو طفيليات في القولون. بالإضافة إلى أنها قد تظهر وجود دم في البراز لا يمكن رؤيته عيانيًّا.
- التنظير السيني المرن: يسمح بتنظير المستقيم والجزء السفلي من القولون. وقد يتم استخدام أداة صغيرة لأخذ خزعة من بطانة القولون السفلي وفحصها تحت المجهر لتأكيد التشخيص.
- تنظير القولون: هو نفس عملية تنظير القولون السيني المرن ولكن يتم في هذا التنظير تنظير القولون بأكمله وليس فقط الجزء السفلي.
- الأشعة السينية: تعتبر أقل شيوعاً لتشخيص المرض ولكن قد يتم إجراءها في حالات خاصة.
علاج التهاب القولون التقرحي:
يتضمن علاج التهاب القولون التقرحي هدفين رئيسيين:
- الأول هو جعل المريض يشعر بالتحسن وإعطاء القولون فرصة للشفاء.
- والثاني هو منع حدوث المزيد من النوبات.
ويتم اتباع عدة إجراءات مثل تغييرات النظام الغذائي أو الأدوية أو الجراحة للوصول إلى هذه الأهداف:
- النّظام الغذائي: يمكن لبعض الأطعمة أن تزيد من حدّة الأعراض مثل الأطعمة الحارّة أو الغنيّة بالألياف على عكس الأطعمة اللينة غير المنكّهة التي قد لا تزعج المريض. وقد يعاني بعض مرضى القولون التقرحي من عدم تحمّل اللاكتوز (لا يتمكن من هضم سكر اللاكتوز الموجود في الحليب) مما يستدعي التّوقف عن تناول منتجات الألبان.
- الأدوية: قد يصف الطبيب عدة أنواع مختلفة من الأدوية، بما في ذلك:
- المضادات الحيويّة: تعمل على مكافحة العدوى وتساعد الأمعاء الغليظة على الشفاء.
- الأمينوساليسيلات: تحتوي هذه الأدوية على حمض 5-أمينوساليسيليك (5-ASA) الذي يقاوم الالتهاب ويساعد في السيطرة على الأعراض (يوجد بشكل أقراص أو حقنة شرجية أو تحميلة).
- الكورتيكوستيرويدات: تستعمل كمضادات للالتهابات لفترة قصيرة، وتستخدم في حال لم تنجح الأمينوساليسيلات أو كانت الأعراض شديدة.
- منظمات المناعة: تساعد على إيقاف هجوم جهاز المناعة على القولون. وقد يستغرق تأثيرها بعض الوقت إذ قد لا تلاحظ أي تغييرات لمدة تصل إلى 3 أشهر.
- لوبيراميد: يمكن أن يصفه الطبيب لإبطاء أو إيقاف الإسهال.
- الجراحة: إذا لم تنجح العلاجات السابقة أو كان التهاب القولون التقرحي شديدًا فقد يتم إجراء عملية جراحية لإزالة القولون (استئصال القولون) أو القولون والمستقيم (استئصال المستقيم والقولون). وإذا تم إجراء عملية استئصال المستقيم والقولون فقد يتم صنع كيس صغير من الأمعاء الدقيقة وربطه بفتحة الشرج وتسمى هذه العملية بعملية مفاغرة الجيب اللفائفي بالشرج (IPAA) وتسمح بطرد الفضلات بطريقة طبيعية والاستغناء عن ارتداء كيس لجمع البراز.
مضاعفات التهاب القولون التقرحي:
يمكن أن تشمل مضاعفات التهاب القولون التقرحي ما يلي:
- النزيف: وهذا يمكن أن يؤدي إلى فقر الدم.
- هشاشة العظام: قد تنتج بسبب النظام الغذائي العلاجي أو عن تناول الكثير من الكورتيكوستيروئيدات.
- الجفاف: إذ ينبغي تسريب السوائل وريديًّا في حال لم تتمكن الأمعاء الغليظة من امتصاص ما يكفي من الماء.
- الالتهاب: يمكن أن يؤثر على المفاصل أو الجلد أو العينين.
- التهاب القولون الخاطف: إذا كانت نوبة التهاب القولون الخاطف شديدة فقد ينفجر القولون أو قد تنتشر العدوى في جميع أنحاء الجسم. وقد يسبب توقف الأمعاء عن نقل الفضلات وتضخم البطن.
- سرطان القولون: يزيد التهاب القولون التقرحي احتمال الإصابة بسرطان القولون وخاصة في حال إصابة كامل الأمعاء الغليظة أو المعاناة من التهاب القولون القرحي لفترة طويلة.
يتابع العلماء البحث عن أسباب القولون التقرحي وطرق علاجه، وعلى الرغم من أنه لا يوجد علاج شافٍ لمتلازمة القولون القرحي ولكن معظم المرضى يتعاملون مع الأعراض عن طريق تجنب المحفزات وتناول الأدوية عند الضرورة.
اقرأ أيضًا:
داء كرون : الأسباب والأعراض والعلاج
أسباب القولون العصبي وطرق علاجه وعلاقته مع أمراض أخرى
إعداد:
د. يوسف دليله